والقول الثاني: أن (الواو) هنا وإن كانت عاطفة، فليست لتمام المغايرة، وإنما هي من باب عطف التفسير، فيكون ما بعدها بعض ما قبلها، كقوله - جل وعلا -: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}[البقرة: ٩٨][البقرة: ٩٨] فجبريل وميكال بعض الملائكة، فعطفهم، وخصهم بالذكر، وأظهر اسم جبريل وميكال: لبيان أهمية هذين الاسمين، وأهمية هذين الملكين؛ لأن أولئك اليهود لهم كلام بالقدح في جبريل وميكال.
فالمقصود: أن العطف - هنا -: عطف خاص بعد عام، أو عطف تفسير؛ لأن ما بعدها داخل في ما قبلها، وهذا تفسير لقوله: لا إله إلا الله، فتكون:(لا إله إلا الله) على هذا القول الثاني: متضمنة للكفر بما يعبد من دون الله، وهذا سبق ذكره في تفسير معنى البراءة المذكورة في آية سورة الزخرف، وهي قوله تعالى:{إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}[الزخرف: ٢٦ - ٢٧][الزخرف: ٢٧] إذ قلنا: إن البراءة تتضمن البغض، والكفر، والمعاداة، والكفر يكون بما يعبد من دون الله، وهذا تفسير ظاهر لكلمة التوحيد.
والوجه الثاني هو الأظهر لسياق الشيخ - رحمه الله تعالى - بل هو الذي يتوافق مع ما قبله من الأدلة.
وقوله:" حرم دمه وماله وحسابه على الله - عز وجل - "، ذلك لأنه صار مسلما، فمن قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، صار مسلما، والمسلم لا يحل دمه إلا بإحدى ثلاث، وكذلك: لا يحل ماله إلا بحق؛ ولهذا قال هنا:" حرم ماله ودمه ".