قوله - رحمه الله -: (بابٌ من الشرك) : (مِن) هنا تبعيضية؛ يعني: أن هذه الصورة التي في الباب هي بعض الشرك، لكن هل هي بعض أفراده أو بعض أنواعه؟ الجواب: أنها شاملة للأمرين؛ لأن ما ذُكر - وهو لبس الحلقة أو الخيط - هو أحد أنواع الشرك، وهو: الشرك الأصغر، وهو أيضا أحد أفراد الشرك بعمومه؛ لأنها صورة من صور الإشراك.
قوله:(باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما) : المقصود بقوله: (ونحوهما) ما يكون نحو الحلقة والخيط مثل: الخرز، والتمائم، والحديد، ونحو ذلك مما قد يُلبس، ومثله أيضا ما يعلّق في البيوت، أو في السيارات، أو يعلّق على الصغار، ونحو ذلك، مما فيه لبس، أو تعليق، فكل ذلك يدخل في هذا الباب، وأنه من الشرك.
والحلقة: إما أن تكون من صُفر يعني: من نحاس، وإما أن تكون من حديد، أو تكون من أي معدن. والخيط: معروف، والمراد عَقْدُهُ في اليد على وجه الاعتقاد، وليس المراد خيطا بعينه.
وكان للعرب اعتقاد في الحلقة والخيط، ونحوهما: كالتمائم، وغيرها، إذ كانوا يعتقدون أن من تعلّق شيئا من ذلك: أثر فيه ونفع، إما من جهة دفع البلاء قبل وقوعه، وإما من جهة رفع البلاء أو المرض بعد وقوعه؛ ولهذا قال الشيخ - رحمه الله -: (لرفع البلاء أو دفعه) ؛ لأن الحالتين موجودتان، فمنهم من يعلّق الحلق، والخيوط، ونحوهما قبل وقوع البلاء لدفعه، ولا شك أن هذا أعظم إثما وذنبا من الذي يعلّق هذه الأشياء لرفع البلاء بعد حصوله؛ لأنه يعتقد أن هذه الأشياء الخسيسة الوضعية تدفع قدر الله - جل وعلا -،