فالصنف الأول، هم من ذكرنا، والصنف الثاني: هم الذين يلبسون تلك الأشياء، ويعلّقونها لرفع البلاء بعد حصوله، كمن مرض فلبس خيطا، ليرفع ذلك المرض، أو أصابته عين فلبس الخيط ليرفع تلك العين، وهكذا: في أصناف شتى، من أحوال الناس في ذلك.
ثمّ لِمَ كان لُبس الحلقة أو الخيط من الشرك الأصغر؟ الجواب: لأنه تعلق قلبه بها، وجعلها سببا لرفع البلاء، أو سببا لدفعه، والقاعدة في هذا الباب: أن إثبات الأسباب المؤثرة وكون الشيء سببا: لا يجوز إلا من جهة الشرع فلا يجوز إثبات سبب إلا أن يكون سببا شرعيا، أو أن يكون سببا قد ثبت بالتجربة الواقعة أنه يؤثر أثرا ظاهرا لا خفيا فمن لبس حلقة أو خيطا أو نحوهما لرفع البلاء أو دفعه فإنه يكون بذلك قد اتخذ سببا ليس مأذونا به شرعا، وكذلك من جهة التجربة: لا يحصل له ذلك على وجه الظهور وإنما هو مجرد اعتقاد من الملابس لذلك الشيء فيه، فقد يوافق القدر، فيُشفى مِن حِين لُبس أو بعد لبسه، أو يدفع عنه أشياء يعتقد أنها ستأتيه فيبقى قلبه معلقا بذلك الملبوس، ويظن بل يعتقد أنه سبب من الأسباب، وهذا باطل.
أما وجه كون لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه شركا أصغر: فإن من لبسها فقد تعلق قلبه بها، وجعلها تدفع وتنفع، أو جعلها تؤثر في رفع الضرر عنه، أو في جلب المنافع له. وهذا إنما يستقل به الله - جل وعلا - وحده؛ إذ هو وحده النافع الضار، وهو - سبحانه وتعالى - الذي يفيض بالرحمة، ويفيض بالخير أو يمسك ذلك. وأما الأسباب التي تكون سببا لمسبباتها فهذه لا بد أن يكون مأذونا بها في الشرع؛ ولهذا يعبر بعض العلماء