للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

عما ذكرت بقوله: من أثبت سببا - يعني: ادّعى أنه يُحدِث المسبَّب، أو يُحْدِث النتيجة - لم يجعله الله سببا، لا شرعا، ولا قدرا: فقد أشرك، يعني الشرك الأصغر.

هذه القاعدة صحيحة - في الجملة - لكن قد يُشْكِل دخول بعض الأمثلة فيها، لكن المقصود من هذا الباب: إثبات أن الأسباب لا بد أن تكون إما من جهة الشرع، وإما من جهة التجربة الظاهرة، مثل: دواء الطبيب بالنار، ومثل: الانتفاع ببعض الأسباب التي فيها الانتفاع ظاهر، كأن تتدفأ بالنار أو تتبرد بالماء أو نحو ذلك، فهذه أسباب ظاهرة بَيِّنَةُ الأثر، فتحصَّل من هذا: أن تعلّق القلب بشيء لرفع البلاء، أو دفعه لم يجعله الشارع سببا، ولم يأذن به، يكون نوع شرك، وهذا مراد الشيخ بهذا الباب؛ فإن لبس الخيط والحلقة من الشرك الأصغر.

وهنا تنبيه: وهو أن كل أصناف الشرك الأصغر قد تكون شركا أكبر بحسب حال من فعلها: فالأصل: أن لبس الحلقة أو الخيط. وتعليق التمائم، والحلف بغير الله، وقول: ما شاء الله وشئت، ونحو ذلك من الأعمال، أو الاعتقادات، أو الأقوال الأصل فيها: أنها من الشرك الأصغر، لكن قد تكون شركا أكبر بحسب حال صاحبها، يعني: إن اعتقد في الحلقة والخيط مثلا أنها تؤثر بنفسها: فهذا شرك أكبر، وإذا اعتقد أنها ليست سببا لكن تؤثر بنفسها وتدفع الضرر بنفسها، فتدفع المرض بنفسها، وتدفع العين بنفسها، أو ترفع المرض بنفسها، أو ترفع العين بنفسها. فإذا اعتقد أنها ليست أسبابا بل هي مؤثرة بنفسها: فقد وقع في الشرك الأكبر؛ لأنه جعل التصرف في

<<  <   >  >>