للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن تظهر فيه علة توجب ضعفه "، فهذا كلامه ـ رحمه الله ـ صريح في احتمال توصل المتأخرين إلى اكتشاف العلة، فأصبح قول السيوطي ـ رحمه الله تعالى ـ مجرد دعوى بلا دليل.

وتجدر الإشارة إلى أن الحديث إذا ورد بإسناد واحد، ولم تتعدد طرقه، فإن جميع النقاد متقدمين كانوا أو ممتأخرين قد يعجزون عن تصحيحه، بل أحيانا ينتقلون إلى تعليله في حاله ما إذا تأكد تفرده في الطبقات المتأخرة، لأن العلة إنما تظهر وتدرك في حالتين هما: حالة التفرد، وحالة المخالفة، ولهذا صرح كثير من النقاد إن الحديث إذا لم تجمع طرقه لا تظهر صحته ولا علته، قال يحي بن معين: " لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه " (١) .

وقال الإمام أحمد: " الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضا" (٢) وقال ابن المديني: " الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه" (٣) .

فإذا تأكد تفرد راو أو مخالفته من خلال الجمع والمقارنة، فذلك يمنع النقاد من تصحيحه، وبهذا يتضح مكمن الخلل في كلام الحافظ السيوطي ـ رحمه الله ـ وبعده عن الواقع العلمي. وأما بعده عن المرتكزات الأساسية التي استند إليها ابن الصلاح لتدعيم رأيه، فلكونه لم يعتبرها في تحليله، بل


(١) الجامع لأخلاق الراوي٢/٢١٢.
(٢) المصدر السابق٢/٢١٢.
(٣) المصدر السابق.

<<  <   >  >>