الواقع الحديثي في عصر ابن الصلاح، والملابسات المحيطة به، والمستجدات التي طرأت وتأثرت بها نظم الرواية أداء وتحملا، له أكبر الأثر في فهم كلام هذا الإمام ... رغم كل هذا فقد حمل الإمام النووي وغيره من العلماء ـ وكثير ما هم ـ ما ذكره ابن الصلاح على إطلاق المنع من التصحيح على جميع أنواع الأحاديث مما أفضى بهم إلى الإعتراض عليه ورفض العمل بمقتضى رأيه، غير أن المتتبع لسياق كلام هذا الإمام، محاولا فهمه على ضوء النتائج التي تسفرها الدراسة حول الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقع الحديثي الذي عاشه المتأخرون ـ سوء من ناحية تلقي الأحاديث أم نشرهاـ يجد نفسه مضطرا إلى تصحيح رأي ابن الصلاح، ورفض الاعتراض عليه جملة وتفصيلا.
[تحليل النص:]
فلقد وقع في كلامه ـ رحمه الله ـ بعض الأمور يتوقف فهمها على معرفة العادات التي استجدت في حلقات التحديث عند المتأخرين، ولا تتضح حقائقها إلا بعد الإحاطة بإدراك مناسبتها ودوافعها.
فمن هذه الأمور قوله:" من أجزاء الحديث وغيرها" وقوله " فقد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد "وقوله: " ما من إسناد من ذلك إلا ونجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان.