للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم، يلزمه أن يقول في جد وأم وإخوة أن الإخوة يأخذون السدس، والظاهر أنه يقوله؛ لأن المنقول عنه إنما هو أن الجد أب، لا أنه يحجب الإخوة مطلقًا، فإن حُكي عنه أن الجد يحجب الإخوة فلعل مراده أنه يحجبهم مما كان يأخذه لو لم يكونوا، وليس ذاك السدس من هذا؛ لأنهم لو لم يكونوا لأخذته الأم.

وأما إذا قلنا بقول الزيدية وغيرهم إن الإخوة إن كانوا أشقّاء أو لأب لا يُعطَون شيئًا، وإن كانوا لأمّ أخذوا ذاك ... ، فنقول: الأصل على هذا أن السدس للإخوة، وإنما يأخذه الأب إذا كانوا بنيه، بحقّ أبوَّتِه لهم وولايته عليهم، فإن كانوا صغارًا فإنه مظنة أن ينفقه عليهم، وإن كانوا كبارًا فإنه إن أنفقه عليهم فذاك، وإن أنفقه على نفسه فهو في مقابل نفقته الواجبة عليهم، وإن تركه ميراثًا صار إليهم كلُّه أو جلُّه. وقد نُقل نحو هذا عن قتادة، رواه ابن جرير (١) وغيره.

وأما إذا قلنا بقول الجمهور: إن الإخوة لا يأخذون مع الأب شيئًا ولو كانوا لأم، فالوجه في الأشقاء أو لأب ما تقدم، وأما في أولاد الأم فنقول: إن الأم نقص استحقاقها بسببهم؛ لأنهم إن كانوا كبارًا فذلك مظنة أن ينفعوها ويواسوها من كسبهم، وإن كانوا صغارًا فإنما يكون ذلك إذا فارقها أبو الميت ثم تزوجت أبا الصغار، والغالب أن يكون أبو الصغار حيًّا ينفق عليها وعليهم، وقد تأكدت صلتها به بولادتها الأولاد، فنقص استحقاقها من ابنها الذي قد تكون آذتْ أباه حتى فارقها وتزوجت غيره، وقرَّت عند هذا الآخر


(١) في "تفسيره" (٦/ ٤٦٧، ٤٦٨). وأخرجه أيضًا ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٨٨٣).

<<  <   >  >>