للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما بحسب الاستعمال المتوسَّع فيه فلِوضوح الفرق بين الابن وابن الابن، فلا يلزم من استعمال لفظٍ في الأول حقيقةً استعمالُه في الثاني كذلك، على أنه قد تقرر في الأصول أن القياس في اللغة باطل.

فتبيَّن بهذا بطلانُ قولِ الجيراجي (ص ٣٦): "ومنهم من قال: إنه حقيقة في كليهما، وهو الحق؛ لأن الولد مشتق من الولادة فيشمل جميعَ مَن وُلِد من الأعلى إلى الأسفل، وولدُ الولدِ ولدٌ كما أن جزء الجزءِ جزءٌ".

وقوله: "كما أن جزء الجزء جزء" فلسفة غريبة تُحوِجُنا المناقشة فيها إلى الخروج عن الموضوع، فلندَعْها ولننظْر في مواضع الحجة، فنعرِض كلمة "ولد" على العلامات التي ذكرها العلماء للتمييز بين الحقيقة والمجاز.

وأظهر تلك العلامات هي التبادر عند عدم القرينة، والمتبادر حقيقة. وقد تأملنا مواقع كلمة "ولد" فتبيَّن أنها حقيقة في معنى "ابن"، إلّا أنها تُطلَق على الواحد والجمع. وذلك أنه لو أشار رجل إلى شخص قائلًا: انظروا إلى ولدي، تبادرَ إلى الأذهان أنه يريه أنه ابنه، ويبعد في أذهاننا أنه يريد أنه ابنتُه أو ابنُ ابنهِ، فإطلاقها على البنت وابنِ الابن مجاز. ويدلُّ على ذلك إنكارُ النفس أن يقال: "هذه ولدي"، إلّا إذا كان بمعنى أنها قائمة لي مقام الابن.

وقد استدلَّ بعض العلماء على عدم دخول البنات ببعض الآيات التي فيها الافتخار بالولد، كقوله تعالى ..... (١)، نعم الجمهور على أن المراد بلفظ "ولد" في الآيات ما يصدق بالابن والبنت وابن الابن وبنت الابن وإن سفلا، وهذا ليس بحجة.


(١) ترك المؤلف هنا بياضًا، ولم يذكر الآيات.

<<  <   >  >>