للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيّ صورةٍ تلك إلّا صورة انفرادهما. وأكّد إرادة هذه الإشارة بعدم ذكر ميراث الأنثيين فيما سيأتي، بل نصّ على ميراث ما فوقهما وعلى ميراث الواحدة، فأفهمَ بذلك أن حكم الثنتينِ قد ذُكر في الآية، فليلتمسه العلماء.

وإذ قد عُلِم حكم البنتين إذا انفردتا، فهاكُم حكم ما فوقهما وما دونهما: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ} أكثر من {اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ}. هذا يُبطِل قولَ الجيراجي (١) في العول أن ميراث أحد الزوجين يؤخذ من رأس المال، ثم تكون الفروض منسوبةً إلى الباقي، فللبنتين ثلثا الباقي.

فإن قلتَ: إنه زعم أن ميراث الزوجين وصية من الله تعالى، فيدخل في قوله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ}.

قلتُ: سيأتي إن شاء الله تعالى إبطال اختصاص ميراث الزوجين بكونه وصيةً من الله تعالى، ومع ذلك فالذي في الآية: {بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي} أي المورِث، لا مطلق وصية. ولا يفيده قراءة {يُوصَى} بالبناء للمفعول؛ لأنها مجملة، فتُحمل على المبيّنة؛ إذ الأصل الاتفاق.

وزعم الجيراجي أن لفظة "فوق" تدل على ما ذهب إليه من توريث أولاد الأولاد مع غير آبائهم من الأولاد، على الطريقة التي اخترعها، قال (٢): "ولفظة (فوق) ليست إلّا للتنبيه على طريقة التقسيم في مثل هذه الصورة؛ لأنه يدلُّ على الكسر ... ".

والطريقة التي ابتكرها سيأتي إبطالُها إن شاء الله تعالى في الحجب.


(١) "الوراثة في الإسلام" (ص ٢٣).
(٢) المصدر نفسه (ص ٣٩).

<<  <   >  >>