للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تدلُّ على أن الإخوة لأمٍّ ليسوا بكلالةٍ، للعطف المقتضي للتغاير. وكذا تشهد لذلك الأدلّةُ التي دلَّت على أن المراد بالإخوة في هذه الآية الأشقَّاء أو لأبٍ، ومنها الإجماع.

وفي البخاري (١) في بعض روايات حديث جابر أنه قال: "يا رسولَ الله، إنما يَرِثني كلالة". وفي بعض الروايات في "الصحيح" (٢): "كيف أصنعُ في مالي ولي أخواتٌ". ففي هذا إطلاق الكلالة على الأخوات، وكانت أخواته شقائقَ أو من أبيه، فقد جاء بيانُ ذلك في أحاديث أخرى من رواية جابر (٣) رضي الله عنه.

وأخرج الإمام أحمد (٤) عن عمرو القاريّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على سعدٍ وهو وَجِعٌ مغلوب، فقال: يا رسول الله، إنَّ لي مالًا وإنِّي أورث كلالةً". وقد ثبت في "الصحيح" (٥) أنه كان له ابنةٌ. فإما أن يكون أطلق الكلالة على البنت لضعفها المعنوي، وإما أن يكون أراد أنه يَرِثه مع ابنته بنو أخيه عتبة وغيرهم، والثاني هو الظاهر.

وقد قُرِئ في الآية التي أوّلَ النساء "يُورِث" بكسر الراء مخففةً، وبكسرها مشدَّدة. والظاهر على هاتين القراءتين أن "كلالةً" منصوب على


(١) رقم (١٩٤، ٥٦٧٦) ومسلم (١٦١٦/ ٨).
(٢) البخاري (٦٧٤٣). وأخرجه أيضًا أبو داود (٢٨٨٦) وأحمد (١٤٢٩٨) وغيرهما.
(٣) منها ما أخرجه البخاري (٤٠٥٢)، وفيه: "إنّ أبي قُتِل يومَ أحدٍ، وترك تسع بنات كن لي تسع أخوات ... ". وفي صحيح مسلم (٢/ ١٠٨٧) نحوه.
(٤) في "مسنده" (١٤٤٠، ١٤٧٤، ١٤٧٩).
(٥) البخاري (٥٦٥٩) ومسلم (١٦٢٨).

<<  <   >  >>