للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} فيه احتمالانِ على قول مَن يجعل الكلالة اسمًا للمورث:

أحدهما: أن يقول: إن المراد بـ "امرؤ": كلالة، وعليه فما يكون قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ}؟ أيُجعَل تكرارًا مع ما يتضمنه لفظ كلالة من عدم الولد؟ فما فائدةُ ذلك؟ قد زعم الجيراجي أنه تأكيد، أي لم يكن له ولدٌ إلى أسفل. فإن أراد أن لفظ الكلالة لا يتضمن نفي الولد إلى أسفل، فكيف يقول: تأكيدٌ، وإن أراد أنه يتضمن ولكن أكّد، فكيف يقول: أي لم يكن له ولد؟ وعلى كلِّ حال فالتأكيد غير ظاهر، فيلزم منه أن الشخص لا يمنعه وجودُ الولد عن أن يسمَّى كلالةً، فتكون الكلالة حينئذٍ المراد به من مات أبوه، وهو استعمال معروف، يقال لليتيم: كَلٌّ، ويحتمله قول الشاعر (١):

وإن أبا المرءِ أحمَى له ... ومولى الكلالةِ لا يَغضبُ

وقد رُوي عن عمر ما يوافق هذا، قال في الكلالة: هو ما خلا الأب (٢). وعلى هذا فيضطرب الكلام في تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} إذا فُسِّرتْ كلالة بما فُسِّرت به هنا ــ أعني من توفي أبوه ــ اسمًا للمورث، فيكون الظاهر أن الإخوة لأمٍّ يرثون مع الولد. وعلى كلِّ حال إن هذا التفسير باطلٌ بدليل السياق، ولو أُريد لقيل: " ... في الكلالة إن هلك" أو "إن كلالة هلك".


(١) البيت بلا نسبة في "تهذيب اللغة" (٩/ ٤٤٨) و"لسان العرب" (كلل).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>