للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجود الأب لا ينقصهم شيئًا. وهكذا إذا قلنا: إن الكلالة أُطلِقت على الوراثة.

فعلى كل حالٍ إن إطلاق هذه الآية يقتضي أن الإخوة يرثون مع الأب. فإذا أضفنا إلى هذا أن عمر رضي الله عنه كان أشدَّ الناس سؤالًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكلالة، وقد أوصى بما علمتَ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - طعنَ في صدرِه وقال: "أما يكفيك آيةُ الصيف التي في آخر سورة النساء؟ " (١)، وهذه الآية تدلُّ على ما علمتَ، وأن هذه الآية وقعتْ جوابًا للاستفتاء عن الكلالة، وجوابُ الاستفتاء ينبغي أن يكون مستوفيًا= تَرجَّح (٢) أن الإخوة يرثون مع الأب.

ولكن قد قدّمنا في تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ ... } ما يدفع هذا، فارجع إليه. وعليه فيقال: إنه لما سكت هنا عن التقييد بعدم الوالد أحاله على ما تقدم هناك، والقرآن يُبيِّن بعضُه بعضًا. والله أعلم.

بقي أن الجيراجي (٣) زعم أن وجود الأمِّ يمنع إطلاق "كلالة".

وهو قول بلا دليل، أما إذا قلنا: إن الكلالة تُطلَق على الإخوة فظاهر، وأما إن قلنا: إنه يُطلَق على المورث، فهذه الآية تدلُّ أنه الذي لا ولد له، وإنما فهمنا نفيَ الأب مما تقدم في الآية التي أوَّلَ النساء، وليس فيها دليلٌ على نفي الأمّ كما تقدم هناك. وإطلاقُ بعض الصحابة وأهل اللغة أنه مَن لا ولدَ له ولا والد، أو على ما عدا الولد والوالد، مع كونه ليس بحجة، فالوالد إنما هو حقيقة في الأب كما تقدم.


(١) أخرجه مسلم (٥٦٧، ١٦١٧) عن عمر.
(٢) جواب "فإذا أضفنا ... ".
(٣) في "الوراثة في الإسلام" (ص ٤٧).

<<  <   >  >>