للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهن، لشدة رغبتهن في سرعة اللحاق به - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومع أنه ما فيهن إلا من كانت كثيرة الصدقة.

فإن قيل: فعلى هذا يكون - صلى الله عليه وآله وسلم - أحب أن لا يفهمهن أن طول اليد معناه كثرة الصدقة.

قلت: لا بأس بهذا، فيكون أحب أن يبقى الكلام عندهن محتملًا للمعنيين.

فإن قيل: فيكون مجملًا تأخر بيانه إلى أن ماتت زينب بعد موته بمدة.

قلت: ليس هو بمجمل في الحقيقة، ورغبته - صلى الله عليه وآله وسلم - في أن يبقى الكلام عندهن محتملًا للمعنيين لا تضر، مع سلامة الكلام في نفسه من الإجمال، على أنه لو كان مجملًا محتملًا فليس في أمر الدين، فلا يضر تأخر بيانه.

المثال الثالث: ما يروى من مزاحه - صلى الله عليه وآله وسلم -.

كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -[ص ٥٥] ربما لاطف بعض أصحابه بمزاحٍ تدعو إليه مصلحة، ولا يخرج عن الحق.

وقد قال له بعض أصحابه: إنك تداعبنا؟ فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إني لا أقول إلا حقًّا» (١).

إنما قال هذا لأن أكثر الناس لا يحسنون المزاح بالحق، أو لا يكتفون به.


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» (٨٤٨١) والبخاري في «الأدب المفرد» (٢٦٥) من حديث أبي هريرة. وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>