للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ١} ٢ ولكنكم لجهلكم بسنن الله، وإعراضكم عن تدبر وفهم ما جاء في كتاب الله، تقعون في مثل هذه الحماقات، فتنصرفون (بقلوبكم) عن القادر على كل شيء الذي هو معكم يسمع ويرى، وتتوجهون إلى الميت العاجز الذي هو في غفلة عنكم لا يسمعكم ولا يراكم.

أما نجاتنا، فلا أثر لابن عيسى ولا لغيره فيها البتة، وإنما الذي نجانا (بفضله وكرمه) هو العلي القدير وحده، دون أن يؤثر عليه دعاؤكم لصالح أو استغاثتكم بنبي، لأن الكل (الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصالحين رضي الله عنهم) ليس معنا أحد منهم في تلك اللحظة الحرجة، وإنما الذي كان معنا (وحده) هو الله الواحد الأحد الذي يسيرنا في البر والبحر.

فقال أحدهم (متفلسفا) : نحن لا ننكر أن الله فوق الجميع بيده كل شيء، فقلت له: هذه مغالطة قديمة، قالها المشركون الأولون، وقولك هذا يخالفه فعلك، فلو كنت مؤمناً بما تقول إيماناً صادراً من قلبك، ما انصرفت في ساعة الكرب والشدة عن هذا الرب الخالق العظيم وتوجهت إلى المربوب الميت الحقير، فصرت أقل إيماناً وأضعف ثقة بالله من المشركين الأولين الذين يخلصون له الدين ويتوجهون إليه وحده في الشدة كما حكى ذلك عنهم.


١ فاطر: (٢٢)
٢ هذه قاعدة كونية عامة ثابتة لا تتغير وهي أن الميت (أي ميت) لا يسمع، إلا من جاء في حقه دليل خاص وفي حالات خاصة، فهذا خصوص يبقى معه العموم على حاله، فمن أين إذن الدليل لهؤلاء القبوريين على أن أوليائهم من الموتى يسمعونهم، فهل جاء في القرآن أن الشيخ فلان أو السيد علان قد خصه الله من بين الميتين أنه يسمع من يناديه من كان وفي أي مكان كان؟ وإذا فرضنا جدلا أنهم يسمعونهم فهل رخص الله لهم في أن يدعوهم ويستغيثوا بهم من دونه؟ وهل أخبرهم أنهم مخولون بإجابة دعائهم والعمل على إنقاذهم عند الاستغاثة؟ سيبقى هذا السؤال دون أن نجد له جوابا مقنعا عند هؤلاء القبوريين إلى يوم يبعثون ...

<<  <   >  >>