فقلت له: من غير لكن ... ولكن ... الدليل في منتهى الوضوح، وليس لديكم ما يدفعه أو يقف في طريقه، فليس هناك دليل على هذه الحماقات الشركية والسخافات الوثنية إلا المغالطة والتمسك بالأوهام والتمحلات، التي بها تئدون دينكم وتنحرون إسلامكم.
ثم قلت له: أعتقد أنني بعد هذا الشرح والإيضاح لست بحاجة إلى التوسع لإقناعك بأن الشرك الذي نعاه الله على المشركين الأولين ليس اعتقادهم فيمن يدعون (كيغوث ويعوق ونسرا، واللات والعزى ومناة) أنهم يشركون الله في خلق أو إيجاد، إحياء أو إماتة، ضر أو نفع، وليس إنكارهم وجود الله تعالى، أو نفيهم كون ملكوت كل شيء بيده، فهذا لم يقله أحد من أولئك المشركين.
الشيوعية قبل الإسلام
فقال (وكأنه وجد الحجة) : بلى، لقد ثبت (في القرآن) أن هؤلاء المشركين ينكرون وجود الله فهذا قائلهم يقول (كما حكى الله عنهم) : {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ ... } ١
فقلت له: إن هؤلاء ليسوا المشركين الذين تحدثنا عنهم سابقا، وإنما هم الدهريون الملاحدة، وهم فرقة من العرب الذين يسير الشيوعيون اليوم على مذهبهم، فهؤلاء، لا يؤمنون بالله، ولا بما يعتقده المشركون مقربا لله، فهم (أي الدهريون) ينكرون وجود الله وتبعا لذلك يكفرون بالأصنام والأوثان والآلهة التي يتخذها المشركون واسطة تقربهم إلى الله.