للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتوسط بهم إلى الله، لو عرفوا أن هذا هو عين العمل الذي كان عليه العرب في الجاهلية والذي سماه الله شركا واعتبره كفرا لما أقدموا عليه وتمسكوا به، وثاروا وغضبوا على من أنكره عليهم.

أما الشرك الذي كان عليه المشركون الأولون والذي طلبت مني إيضاحه وسألتني عن حقيقته فهو أن أولئك المشركين (مع إيمانهم المطلق بوجود الله وتسليمهم بقدرته المطلقة على التصرف في جميع شؤون الكون. دونما شريك أوظهير) كانوا قد ابتدعوا بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، هذه البدعة استحسنتها عقولهم وسكنت إليها نفوسهم.

وهي أنهم اتخذوا من المخلوقين (كاللات والعزى ومناة ويغوث ويعوق ونسرا) أولياء ووسائط يلجأون إليهم، ويتقربون إليهم بالدعاء والنذر والذبح ليقربوهم إلى الله ويشفعوا لهم في قضاء حاجاتهم وكشف كرباتهم، دون أن يأذن الله لهم بذلك أو يرضاه. وهذا ما عناه القرآن وأنكره عليهم بقوله:

{وَيَعْبُدُونَ – أي يدعون - مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ١، {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} ٢


١ يونس: (١٨)
٢ السجدة: (٤)

<<  <   >  >>