للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} وَلَا يخفى أَنما عدَّة الْوَفَاة لَا تَخْلُو من شبه تعبد لوُجُوبهَا مَعَ عدم الدُّخُول بالمتوفى عَنْهَا.

وَلأَجل صِيَانة النّسَب الْمُحَافظَة عَلَيْهِ منع الشَّرْع الْكَرِيم سقى زرع الرجل بِمَاء غَيره فَمنع نِكَاح الْحَوَامِل حَتَّى يَضعن حَملهنَّ قَالَ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} .

وَأما الْعرض أَيْضا فقد اقْتضى التشريع السماوي بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الحكم الْبَالِغَة صيانته والمحافظة عَلَيْهِ بِأَحْكَم الطّرق وأحسنها وأعدلها فَحرم على الْإِنْسَان تَحْرِيمًا باتا أَن يتَكَلَّم فِي عرض أَخِيه بِمَا يُؤْذِيه قَالَ تَعَالَى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} . ثمَّ شنع الْوُقُوع فِي عرض الْمُسلم وقبحه أعظم تشنيع وتقبيح حَيْثُ مثله بِأَكْل لَحْمه بعد أَن مَاتَ وانتن وَذَلِكَ فِي قَوْله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} .

وَلأَجل الْمُحَافظَة على الْعرض وصيانته قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .

وَلأَجل صيانته والمحافظة عَلَيْهِ أوجب الله جلّ وَعلا فِي مُحكم كِتَابه على من قذف مُسلما حد الْقَذْف ثَمَانِينَ جلدَة وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا} .

وَلَا يرجع هَذَا الِاسْتِثْنَاء عِنْد جَمَاهِير أهل الْعلم مِنْهُم الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وأصحابهم وَعَامة فُقَهَاء الْأَمْصَار إِلَى الْجلد بل يجلد وَلَو تَابَ. وهدد جلّ وَعلا الَّذين يقعون فِي أَعْرَاض إخْوَانهمْ الْمُسلمين باللعن وَالْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة. وكل ذَلِك لصيانة الْعرض وَحفظه قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ

<<  <   >  >>