يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} . ولاشك أَنه لَا فرق بَين الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات وَالَّذين يرْمونَ المحصنين كَمَا أجمع عَلَيْهِ جَمِيع الْمُسلمين ودعوة الْخُصُوص فِي هَذِه الْآيَة غير صَحِيح وَلَا مُسْتَند لَهُ.
وَأما المَال فقد اقْتضى التشريع الإسلامي بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الحكم الباهرة وَحفظه الْمصَالح الْعَامَّة وصيانته والمحافظة عَلَيْهِ بِأَحْكَم الطّرق وأحسنها وأقومها وَلذَا حرم على الْمُسلم أَن يَأْخُذ شَيْئا من مَال أَخِيه إِلَّا عَن طيب نفس مِنْهُ وَحرم استلاب الْأَمْوَال وابتزاز ثروات الْأَغْنِيَاء قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين امنوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} . وَقد نهى الله جلّ وَعلا خلقه فِي كِتَابه أَن يجْعَلُوا كَون هَذَا غَنِيا وَهَذَا فَقِيرا ذَرِيعَة للجور وَعدم الْعدْل فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} . فترى الله جلّ وَعلا ينهاك فِي هَذِه الْآيَة عَن الْجور فِي الشَّهَادَة ونهاك أَن تشهد للْفَقِير على الْغنى لضعف الْفَقِير وَقُوَّة الْغنى. وَصرح بِأَنَّهُ هُوَ أولى بهما مِنْك. وَبِهَذَا تعلم أَن الَّذِي يَأْخُذ مَال الْغنى غصبا بِدَعْوَى أَنه يُعْطِيهِ للْفَقِير ليساوى بَينهمَا انه متمرد على النظام السماوي معترض قسْمَة خَالق السَّمَاوَات وَالْأَرْض الَّتِي تولاها بِنَفسِهِ لحكمته الْبَالِغَة كَمَا بَين ذَلِك فِي قَوْله جلّ وَعلا {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute