لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} والآيات الْكَرِيمَة وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة الدَّالَّة على حُرْمَة مَال الْمُسلم وَدَمه وَعرضه أظهر وَأكْثر من أَن نحتاج للتعرض لَهَا.
وَلأَجل صِيَانة المَال والمحافظة عَلَيْهِ أوجبا الله جلّ وَعلا قطع يَد السَّارِق قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ} الْآيَة فَالله جلّ وَعلا خلق لَهُ تِلْكَ الْيَد لتَكون أعظم عون لَهُ على عمل الْخَيْر والمعاونة على الْبر وَالتَّقوى. فَلَمَّا مدها إِلَى تِلْكَ الرذيلة الَّتِي هِيَ السّرقَة الَّتِي هِيَ فِي غَايَة السُّقُوط والانحطاط والتدنس والتقذر صَارَت تِلْكَ الْيَد فِي نظر الشَّرْع الْكَرِيم كالعضو الْفَاسِد الَّذِي يخْشَى من بَقَائِهِ فَسَاد الْبدن كُله فَقَطعه وإزالته كعملية تطهيرية تصح بهَا بَقِيَّة الْبدن وتطهره.
وَمِمَّا يُوضح هَذَا السِّرّ السماوي مَا صرح بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ الْمُتَّفق عَلَيْهِ وَلَفظه فِي البُخَارِيّ عَن عبَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مجْلِس فَقَالَ: "بايعوني على أَلا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا" وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة كلهَا " فَمن وفى مِنْكُم فَأَجره على الله وَمن أصَاب من ذَلِك شَيْئا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَته وَمن أصَاب من ذَلِك شَيْئا فستره الله عَلَيْهِ إِن شَاءَ غفر لَهُ وَإِن شَاءَ عذبه".اهـ مِنْهُ وَلَفظ مُسلم قريب مِنْهُ بِمَعْنَاهُ وَلَفْظهمَا مُتَّفق فِي مَحل الشَّاهِد من الحَدِيث وَهُوَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "وَمن أصَاب من ذَلِك شَيْئا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَته" وَهُوَ تَصْرِيح من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث مُتَّفق عَلَيْهِ بِأَن المعاقبة يعْنى المعاقبة بِالْحَدِّ كَفَّارَة للذنب فَهُوَ عملية تَطْهِير سَمَاوِيَّة بَالِغَة غَايَة الإحكام واتضاح الْحِكْمَة من الردع الْبَالِغ عَن أَخذ أَمْوَال النَّاس على ذَلِك الْوَجْه الخسيس الَّذِي يظنّ مَعَه الْفَوْت غَالِبا لتحرى السَّارِق أَوْقَات الْغَفْلَة وَلَكِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute