للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعمومه فالفرد الضَّعِيف فِيهَا آمن على مَاله من النهب وَمن السّرقَة غَالِبا وعَلى دَمه وَعرضه وَدينه وَلَا تَجِد بلادا أقل فِيهَا وقائع الْقَتْل وَالسَّرِقَة والنهب وَالزِّنَا وَنَحْو ذَلِك. وكل ذَلِك من نتائج تحكيم النظام الَّذِي وَضعه الْحَكِيم الْخَبِير.. {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} .

وَأما الْمصلحَة الثَّانِيَة: الَّتِي هِيَ جلب الْمصَالح فقد اقْتضى التشريع الإسلامي تَحْصِيلهَا وتسهيلها وَلأَجل هَذَا جَاءَ بِإِبَاحَة الْمصَالح المتبادلة بَين أَفْرَاد الْمُجْتَمع على الْوَجْه الْمَشْرُوع ليحصل كل مصْلحَته من الآخر كالبيوع والإجارات والأكرية وَالْمُسَاقَاة وَالْمُضَاربَة وَغير ذَلِك. وَأمر بتحصيل الْمصَالح فِي الْأَنْفس وَالْأَمْوَال وَغير ذَلِك كَمَا هُوَ مَعْلُوم.

وَأما الْمصلحَة الثَّالِثَة: الَّتِي هِيَ الجرى على مَكَارِم الْأَخْلَاق وَاتِّبَاع أحسن المناهج فِي الْعَادَات والمعاملات فقد اقْتضى التشريع الإسلامي الْحَث عَلَيْهَا وَالْأَمر بهَا وَمن عمل بالتشريع الإسلامي كَانَ أجْرى النَّاس على مَكَارِم الْأَخْلَاق وَأَتْبَاع أحسن المناهج وَمِمَّا يُوضح ذَلِك أَن الله قَالَ فِي نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} . وَلما سُئِلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن خلقه الَّذِي وَصفه الله بالعظيم قَالَت: "كَانَ خلقه الْقُرْآن" فَدلَّ مَجْمُوع الْآيَة وَحَدِيث عَائِشَة على أَن المتصف بِمَا فِي الْقُرْآن من مَكَارِم الْأَخْلَاق يكون على خلق عَظِيم والآيات الدَّالَّة على الْأَمر بأكرم الْأَخْلَاق وأحسنها كَثِيرَة جدا كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ} . الْآيَة. وَقَوله: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} . وَقَوله تَعَالَى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} . وَقَوله تَعَالَى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} الْآيَة إِلَى غير

<<  <   >  >>