للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقطع عليه صلاته فأمكنه الله منه فأراد (١) أن يربطه، قال: «فذكرت دعوة أخي سليمان: رب هب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي» (٢).

قال في «حواشي المشكاة» (٣) نقلًا عن «اللمعات»: «قال: المراد بدعوته: (رب هب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي)، ومن جملته تسخير الريح والجن والشياطين، وهو مخصوص بسليمان عليه السلام، فيلزم عدم إجابة دعائه، فتركه ليبقى دعاؤه محفوظًا في حقه، ونبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - كان له القدرة على ذلك على وجه (٤) الأتم والأكمل، ولكن التصرف في الجن في الظاهر كان مخصوصًا بسليمان، فلم يظهره - صلى الله عليه وآله وسلم - لذلك (٥)، فافهم.

وقيل: يمكن أن يكون عموم دعاء سليمان عليه السلام مخصوصًا بغير سيد الأنبياء - صلى الله عليه وآله وسلم - بدليل إقداره على أخذه ليفعل فيه ما يشاء، ومع ذلك تركه على ظاهره رعاية لجانب سليمان».

أقول: أما أنا فأرى هذا خبطًا، وأبدأ بتحقيق معنى دعوة سليمان عليه السلام، فإن أكثر الناس يغلطون فيها فينسبون إليه الشحَّ والبخلَ على عباد الله بمواهب الله. وهذا جهل منهم، وبيانه يستدعي تقديم ضرب مثل، فأقول:

ملك يقسم دنانير، فجاءه رجل فقال له: أعطني نصيبًا من هذه الدنانير


(١) طمس على أول الكلمة، ولعله ما أثبت.
(٢) إشارة إلى آية (٣٥) من سورة ص {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}.
(٣) (ص ٩١). و «حواشي المشكاة» لأحمد علي السهارنفوري (ت ١٢٩٧). والنقل فيها عن «لمعات التنقيح»: (٣/ ٢٣١) لعبد الحق الدهلوي (ت ١٠٥٢).
(٤) كذا في الأصل تبعًا «للحواشي» و «اللمعات».
(٥) في «الحواشي» و «اللمعات»: «لأجل ذلك».

<<  <   >  >>