للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقبل أن نتعمق في هذا نريد أن نضع النقاط على الحروف , كي لا يتوهم المتوهم أننا نلزم القوم على ما لا يتقولونه ويعتقدونه. فنثبت من كتبهم أنفسهم , وبعباراتهم هم ما يبرهن قولنا , فيقول الشيخ الأكبر للصوفية رادّا على الغزالي:

إن الغزالي غلط في التفريق بين نزول الملك على النبي والوليّ , مع أن النبي والوليّ كلاهما ينزل عليه الملك (١).

وقد ذكر الشعراني أيضا بقوله:

(فإن قلت: قد ذكر الغزالي في بعض كتبه: إن الفرق بين تنزّل الوحي على قلب الأنبياء وتنزله على قلوب الأولياء نزول الملك , فإن الوليّ يلهم ولا ينزل عليه ملك قط , والنبي لا بد له في الوحي من نزول الملك به , فهل هذا صحيح؟

فالجواب كما قاله الشيخ في الباب الرابع والستين وثلاثمائة: أن ذلك غلط ... قال الشيخ: وسبب غلط الغزالي وغيره في منع تنزل الملك على الوليّ عدم الذوق , وظنهم أنهم قد علموا بسلوكهم جميع المقامات وفلما ظنوا ذلك بأنفسهم ولم يروا ملك الإلهام نزل عليهم أنكروه , وقالوا: ذلك خاص بالأنبياء , فذوقهم صحيح وحكمهم باطل , مع أن هؤلاء الذين منعوا قائلون بأن زيادة الثقة مقبولة , وأهل الله كلهم ثقات.

قال: ولو أن أبا حامد وغيره اجتمعوا في زمانهم بكامل من أهل الله وأخبرهم بتنزل الملك على الوليّ لقبلوا ذلك ولم ينكروه.

قال: وقد نزل علينا ملك فلله الحمد) (٢).

ولا ندري كيف يرد على الغزالي وهو القائل:

(ومن أول الطريق تبتدئ المكاشفات والمشاهدات , حتى أنهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة , وأرواح الأنبياء , ويسمعون منهم أصواتا , ويقتبسون منهم فوائد.

ثم يرتقي الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق) (٣).


(١) الإبريز لعبد العزيز الدباغ ص ١٥١ ط مصر.
(٢) اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر للشعراني ج ٢ ص ٨٥ ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.
(٣) المنقذ من الضلال للغزالي ص ١٢٧ المنشور في مجموعة مؤلفات الدكتور عبد الحليم محمود ط دار الكتاب اللبناني بيروت الطبعة الأولى ١٩٧٩ م. أيضا المنقذ من الضلال ص ٥٠ بنجاب الباكستان.

<<  <   >  >>