المسَاوَاة بَيْنَ النَّبِيِّ وَالوَليّ
وأما تسوية الصوفية بين الولاية والنبوة , بل وتفضيلهم الولاية على النبوة والرسالة , والأولياء على أنبياء الله ورسله , مثل الشيعة , فتدل عليه عبارات القوم وتصريحاتهم , فيقول لسان الدين ابن الخطيب:
(الولاية: أن يتولى الله الواصل على حضر قدسه , بكثير مما تولى به النبي , من حفظ وتوفيق , وتمكين واستخلاف وتصريف.
فالولي يساوي النبي في أمور , منها: العلم من غير طريق العلم الكسبي , والفعل بمجرد الهمة , فيما لم تجر به العادة أن يفعل إلا بالجوارح والجسوم , مما لا قدرة عليه لعالم الجسوم.
كان الفضيل بن عياض , على جبل من جبال منى , فقال: لو أن وليا من أولياء الله أمر هذا الجبل أن يميد لماد , فتحرك الجبل , فقال: اسكن. لم أردك بهذا , فسكن الجبل.
ويفعل بالهمة في عالم الخيال وفي الحس , فإنه يسمع ويرى , ما لا يرى ولا يسمع وهو بين الناس.
ويفارق الولي النبي في المخاطبة الإلهية , والمعارج , فإنهما يجتمعان في الأصول وهي المقامات , إلا أن النبي يعرج بالنور الأصلي , والولي يعرج بما يفيض من ذلك النور الأصلي , وإن جمعهما مقام اختلفا بالوحدة في كل مقام , من فناء وبقاء , وجمع وفرق. والولي يأخذ المواهب بواسطة روحانية نبيه , ومن مقامه يشهد , إلا ما كان من الأولياء المحمديين , فإنه لما كان نبيهم صلوات الله وسلامه عليه جامعا لمقامات الأنبياء (أورثهم الله مقامات الأنبياء) وأوصل إليهم أنوارهم , من نور نبيهم الوارث , وبوساطته , فإنه هو الذي أعطى جميع الأنبياء والرسل مقاماتهم في عالم الأرواح.
ثم شاركت الأولياء الأنبياء في الأخذ عنه , وإليه الإشارة بقوله (أولياء أمتي أنبياء من دونهم) فقد يرث ولي من الأولياء آدم , أو إدريس , أو إسحاق , أو إسماعيل , أو يوسف , أو موسى , أو عيسى , لكن لا يتوصل إلى نوره ولا حاله إلا من