للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

{وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} (١).

وقال نبيه مخاطبا إياه:

{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي و َلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} (٢).

والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا , والأحاديث النبوية كذلك.

ولكن القوم يقولون عكس ذلك متأثرين بالتشيع , وآخذين أفكارهم ومعتقداتهم , فيقول القشيري في بيان درجات السلوك:

(ثم في خلال هذه الأحوال قبل وصوله إلى هذا المقام الذي هو نهاية كان يرى جملة الكون يضيء بنور كان له حتى لم يخف من الكون عليه شيء وكان يرى جميع الكون من السماء والأرض رؤية عيان ولكن بقلبه , وكان لا يرى في هذا الوقت بعين لأنه شيء ولكن لم يكن هذه رؤية علم , بل لو تحرك في الكون ذرة أو نملة) (٣).

ونقل الكلاباذي عن أبي عبد الله الأنطاكي أنه قال:

(إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق , فإنهم جواسيس القلوب , يدخلون في أسراركم , ويخرجون من هممكم) (٤).

ويقول ابن عجيبة الحسني:

(إن الحق سبحانه قسّم الخلق قسمين وفرقهم فرقتين: قسم اختصهم بمحبته , وجعلهم من أهل ولايته , ففتح لهم الباب , وكشف لهم الحجاب , فأشهدهم أسرار ذاته , ولم يحجبهم عنه بآثار قدرته) (٥).

فإذا كشف الحجاب , وفتح لهم الباب (علم العوالم بأجمعها على ما هي عليه من تفاريعها من المبدأ إلى المعاد وعلم كل شيء , كيف كان؟ وكيف هو كائن؟ وكيف يكون؟ وعلم ما لم يكن , ولم لا يكون ما لم يكن؟ ولو كان ما لم يكن كيف كان يكون؟ كل ذلك علماً أصليا حكيما كشفيا ذوقيا من ذاته لسريانه في المعلومات علما إجماليا تفصيلاً كليا جزئيا مفصلا في إجماله ... ومنهم من تجلى الله عليه بصفة السمع


(١) الأعراف ١٨٨.
(٢) المائدة ١١٦.
(٣) رسالة ترتيب السلوك للقشيري من مجموعة الرسائل القشيرية لعبد الكريم القشيري المتوفى ٤٦٥ ط المعهد المركزي للأبحاث الإسلامية باكستان ١٣٨٤ هـ.
(٤) التعرف للكلاباذي ص ٣٣.
(٥) إيقاظ الهمم لابن عجيبة الحسني ص ٧٧.

<<  <   >  >>