هذا وصف بعضهم لهم , حتى قال عيينة بن حصن للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه ليؤذيني هؤلاء أما يؤذيك ريحهم؟.
ثم الصوف لباس الأنبياء , وزي الأولياء.
وقال أبو موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه مرَّ بالصخرة من الروحاء سبعون نبيا حفاة عليهم العباء يؤمون البيت العتيق).
وقال الحسن البصري: كان عيسى عليه السلام يلبس الشعر , ويأكل من الشجرة , ويبيت حيث أمسى.
وقال أبو موسى: كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الصوف , ويركب الحمار , ويأتي مدعاة الضعيف.
وقال الحسن البصري: لقد أدركت سبعين بدرياً ما كان لباسهم إلا الصوف.
فلما كانت هذه الطائفة بصفة أهل الصفة فيما ذكرنا , ولبسهم وزيهم زي أهلها , سموا صُفية وصوفية.
ومن نسبهم إلى إلى الصفة والصف الأول فإنه عبر عن أسرارهم وبواطنهم , وذلك أن من ترك الدنيا وزهد فيها وأعرض عنها , صفَّى الله سره , ونور قلبه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل النور في القلب انشرح وانفسح) , قيل: وما علامة ذلك يا رسول الله؟ قال: (التجافي عن دار الغرور , والإنابة إلى دار الخلود , والاستعداد للموت قبل نزوله).
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من تجافى عن الدنيا نور الله قلبه.
وقال حارثة حين سأله النبي صلى الله عليه وسلم: ما حقيقة إيمانك؟ قال: عزفت بنفسي عن الدنيا , فأظمأت نهاري , وأسهرت ليلي , وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا , وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون , وإلى أهل النار يتعادون.
فأخبر أنه لما عزف عن الدنيا نور الله قلبه , فكان ما غاب عنه بمنزلة ما يشاهده. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن ينظر إلى عبد نور الله قلبه فلينظر إلى حارثة , فأخبر أنه منوّر القلب.
وسميت هذه الطائفة نورية لهذه الأوصاف.
وهذا أيضا من أوصاف أهل الصفة , قال الله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}.