للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

منهم , وكان يستتر بالفقه والإفتاء على مذهب أبي ثور , وكان إذا تكلم في علوم القوم أغلق باب داره , وجعل مفتاحه تحت وركه) (١).

وأيضا روى عن الشاذلي أنه كان يقول:

(امتنعت عني الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم رأيته , فقلت: يا رسول الله , ماذ نبي؟ فقال: إنك لست بأهل لرؤيتنا لأنك تطلع الناس على أسرارنا) (٢).

والصوفية يكتمون آراءهم ومعتقداتهم عن غيرهم , ويوصون مريديهم في كتبهم ومؤلفاتهم التي كتبت للخاصة وخاصة الخاصة , فالصوفي الشهير عبد السلام الفيتوري يكتب في كتابه (الوصية الكبرى):

(إخواني , وسنذكر لكم كلاما في المغيبات لكن يجب الإمساك عنها إلا لأهله الذين يكتمونه , ولا ينبغي إظهاره للسفهاء الذين يلحقون به إلى الأمراء والجبابرة وأهل الدنيا) (٣).

وهناك نص مهم جدا ذكره الشعراني يقطع في هذا الموضوع فيقول:

وكان بعض العارفين يقول

(نحن قوم يحرم النظر في كتبنا على من لم يكن من أهل طريقتنا , وكذلك لا يجوز لأحد أن ينقل كلامنا إلا لمن يؤمن به , فمن نقله إلى من لا يؤمن به دخل هو والمنقول إليه جهنم الإنكار , وقد صرح بذلك أهل الله تعالى على رؤوس الأشهاد وقالوا:

من باح بالسرّ استحق القتل) (٤).

وقد ذكر الدباغ حكايات كثيرة عن الذين لم يكتموا السرّ فابتلاهم الله ببلايا عديدة , من القتل والصلب والحرق والعمى وغير ذلك (٥).

وكان منهم الحلاج , لأنه لم يقتل إلا لإفشاء سرّه (٦).

وكما يروون أن الخضر عبر على الحلاج وهو مصلوب , فقال له الحلاج:

(هذا جزاء أولياء الله؟


(١) اليواقيت والجواهر للشعراني ج٢ ص ٩٣ ط مصطفى البابي الحلبي مصر ١٣٧٨ هـ.
(٢) انظر الطبقات للشعراني ج٢ ص ٧٥.
(٣) الوصية الكبرى لعبد السلام الأسمر الفيتوري ص ١٠٥ " مكتبة النجاح طرابلس ليبيا الطبعة الأولى.
(٤) اليواقيت والجواهر للشعراني ص١٧ ط مصطفى البابي الحلبي مصر.
(٥) انظر الإبريز للدباغ ص ١٢.
(٦) انظر تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار ص ٢٥٢ ط باكستان.

<<  <   >  >>