للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال: ولولا خوف الهتك لأستار الكمّل لأظهرنا لك من هذه الآية عجبا) (١).

والتأويلات كهذه لا عدّ لها ولا حصر , والقوم أشبعوا الكلام في علم الباطن والتأويل الباطني , وملؤا كتبهم به , وهذه الفكرة لم تتدرج إليهم إلا من التشيع والشيعة , كالأفكار الأخرى.

والشيعة بدورهم أخذوها من اليهودية. وهكذا أدخل الصوفية أنفسهم في الفرق الباطنية لأن الإسماعيلية والنصيرية والدروز وغيرها من الفرق الباطنية لم يسمّوا بالباطنية إلا لقولهم: إن لكل ظاهر باطنا , حسب اعتراف الشعراني نفسه , حيث يقول:

(الإسماعيلية: وهم قوم يسمون بالباطنية لكونهم يقولون: لكل ظاهر باطن) (٢).

وأما تسمية المتصوفة العلماء والفقهاء والمسلمين الآخرين الذين لا يؤمنون بباطنيتهم , بأهل الظاهر , , والعامة , , وأهل الرسوم , والنكير عليهم فمنتشر في كتبهم , كما يقول ابن عربي: (ما خلق الله أشق ولا أشد من علماء الرسوم على أهل الله المختصين بخدمته , العارفين به من طريق الوهب الإلهي , الذين منحهم أسراره في خلقه , وفهم معاني كتابه وإشارات خطابه , فهم لهذه الطائفة مثل الفراعنة للرسل عليهم السلام) (٣).

وقال لسان الدين بن الخطيب:

(إن كل الخلق قعدوا على الرسوم , وقعدت الصوفية على الحقائق) (٤).

أي أن الصوفية هم أهل الحقائق , وسائر الناس أهل الرسوم.

ويقول الكمشخانوي: (الذين اقتصروا على الشريعة فهم العامة) (٥).

والترمذي الملقب بالحكيم يقول في كتابه (ختم الأولياء):

(أكثر الشريعة جاءت على فهم العامة) (٦).


(١) درر الغواص للشعراني ص ٥٠ بهامش الإبريز للدباغ. ط مصر.
(٢) انظر اليواقيت والجواهر للشعراني ج٢ ص ١٢٨.
(٣) الفتوحات المكية لابن عربي الباب الرابع والخمسون.
(٤) روضة التعريف ص ٣٧٠.
(٥) انظر جامع الأصول في الأولياء للكمشخانوي ص ٨٩.
(٦) ختم الأولياء للترمذي ص ٢٣٧. ط المطبعة الكاثوليكية. بيروت.

<<  <   >  >>