للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإن الشيعي الإيراني المعاصر قد صرّح في كتابه:

(تذهب جماعة إلى أن التصوف ليس إلا رد فعل أوجده الفتح العربي الإسلامي في نفوس العنصر الآري الإيراني , وخلاصة قولهم أن الإيرانيين بعدما غلبوا على أمرهم بسيوف العرب في مواقع القادسية وجلولاء وحلوان ونهاوند , أدركوا أنهم فقدوا إستقلالهم وأضاعوامجدهم , ثم إنهم إعتنقوا الديانة الإسلامية , ولكن العرب الذين كان الإيرانيون ينظرون إليهم منذ القدم بنظرة غير راضية لم يستطيعوا أن يغيروا رغم إنتصاراتهم مجرى التفكير الإيراني , وأن يجعلوهم مشاركين لهم في أسلوب تفكيرهم وإتجاهاتهم وميولهم وسليقتهم ومنطقهم وكذلك في آمالهم وأمانيهم وغاياتهم الروحية المثالية لأن التباين الشكلي والمعنوي أي الفروق العنصرية والإختلاف في أسلوب المعيشة والأوضاع الإجتماعية بين هاتين الأمتين كان شديدا للغاية. وبناء على ذلك بعدما إنتهت المعارك الحربية باندحار الإيرانيين بأسلوب المساجلات الفكرية التي كان لها أثر بالغ في التاريخ الأدبي والمذهبي والإجتماعي والسياسي للعرب والإسلام.

ومن أهم تلك الإنعكاسات التي ترتبت على تلك الإنفعالات الفكرية التشيع أولا والتصوف ثانيا. وينبغي أن نضيف إلى هذه الملاحظة أن الغرض من ذ كر الإنفعالات في هذا الباب ليس القول بأن الإيرانيين أقدموا على هذا العمل اختاروا أو تعمدوا وقد تأتت في أكثر الظروف بحكم الإنفعالات النفسية وبتأثير العواطف والأحاسيس الخفية بصورة ثابتة كما يرى علماء النفس , أي من غير أن يعرف الناس أنفسهم غالبا السبب الحقيقي أو يستطيعوا تحليل أفكارهم وأحاسيسهم إنساقت أفكارهم إلى أمثال هذه الإنفعالات العكسية) (١).

وأما الشيعي العراقي فقد كتب كتابا مستقلا لإثبات تأثر التصوف بالتشيع , واستفادة الصوفية من الشيعة , وأخذهم عنهم , فيقول:

(وينبغي أن نذكر الدور الذي قام به الفرس من إخالهم مثلهم الدينية في التشيع الغالي الأول حين نصروا المختار , وعاضدوا حركة الغلو العجلية , وانضموا


(١) تاريخ التصوف في ألإسلام للدكتور قاسم غني الإيراني ترجمة عربية لصادق نشأت ص ١٤. ط مكتبة النهضة المصرية ١٩٧٠ م.

<<  <   >  >>