للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأنه قال: إن الخلق كله مخلوق , والصوفي غير مخلوق , لأنه معدوم و, أو أن الصوفي من عالم الأمر , لا من عالم الخلق) (١).

ونقل العطار أيضا عن الجنيد أنه قال:

(الصوفي هو الذي سلم قلبه كقلب إبراهيم من حب الدنيا , وصار بمنزلة الحامل لأوامر الله , وتسليمه تسليم إسماعيل , وحزنه حزن داوود , وفقره فقر عيسى , وصبره صبر أيوب , وشوقه شوق موسى وقت المناجاه , وإخلاصه إخلاص محمد) (٢).

وقال الصوفي الهندي فريد الدين الملقب بكنج شكر: (إن التصوف أن لا يبقى في ملكك شيء , ولا يبقى وجودك في مكان.

وقال: إن أهل التصوف يقيمون صلواتهم على العرش يوميا.

وقال: إن الصوفي من لا يخفى على قلبه شيء) (٣).

فهذه هي تعريفات التصوف والصوفية لدى أعلام الصوفية وأقطابهم أنفسهم , ونقلناهم من كتبهم , تضاربت فيها أراء القوم , وتعارضت فيها أقوالهم , لا جمع بينهما ولا وفاق رغم ما ادعاه بعض المتأخرين , وحاولوا التوفيق ولكن دونه خرط القتاد , لأن كل تعريف مستقل عن التعريف الآخر , وحتى التعريفات العديدة التي صدرت عن شخص واحد تباعد بعضها عن بعض كل البعد وهذا التباعد ظاهر جليّ لكل من نظر فيها وقرأها تأمل وتدبر , وتحقق وتعمق.

ويجدر الإشارة ههنا إلى أن تعريفات التصوف المتعددة التي ذكرناها واخترناها من تعريفات كثيرة جدا تنبئ صراحة عن حقيقة إدعاء علاقة التصوف بالإسلام , وكونه روحه وعصارته (٤).

الأمر الذي سوف يفصل الكلام فيه , في الأبواب القادمة إن شاء الله تعالى.


(١) تذكرة الأولياء للعطار ص ٢٨٨ وما بعد ط باكستان , أيضا أحوال وأقوال شيخ أبي الحسن الخرقاني (فارسي) الطبعة الثالثة ١٣٦٣ هجري قمري إيران.
(٢) تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار (أردو) تحت ذكر الجنيد ص ١٩٢ باكستان.
(٣) أسرار الأولياء ص ١٢٨ , ١٢٩ ط باكستان.
(٤) أنظر الإنسان والإسلام لمحمد طاهر الحامدي , ومقدمه التعرف لمحمود أمين النواوي.

<<  <   >  >>