للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نفسه أيضا فلا يقدر أن يكون لي تلميذا) (١).

وقال أيضا:

(فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لي تلميذا) (٢).

وبمثل ذلك نقل متى في إنجيله:

(لما رأى يسوع جموعا كثيرة حوله أمر بالذهاب إلى العبر , فتقدم كاتب وقال له: يا معلم , أتبعك أينما تمضي. فقال له يسوع: للثعالب أوجرة , ولطيور السماء أوكار. وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه. وقال له آخر من تلاميذه: يا سيد , ائذن لي أمضي أولا وأدفن أبي. فقال له يسوع: اتبعني , ودع الموتى يدفنون موتاهم) (٣).

هذا ومثل هذا كثير في الأناجيل وأعمال الرسل وغيرها من الكتب المسيحية , وعلى هذه التعاليم أسسوا نظام الرهبنة , أي التجرد عن علائق الدنيا ومتطلباتها وحاجاتها.

وزادوا عليها تعذيب النفس , وتحمل المشاق والآلام , تعمقا في التجرد , ومغالاة في تجنب الدنيا , واحتقارا لزخارفها , كما أن هنالك أسبابا أخرى لاختيار الرهبنة , فقد ذكر علماء المسيحية الكثيرون وكتابها وباحثوها.

وجمع هذه الأقاويل والمقولات ول ديورانت في موسوعته الكبرى (قصة الحضارة) , فيقول: (لما أن أصبحت الكنيسة منظمة تحكم الملايين من بني الإنسان , ولم تعد كما كانت جماعة من المتعبدين الخاشعين , أخذت تنظر إلى الإنسان وما فيه من ضعف نظرة أكثر عطفا من نظرتها السابقة , ولا ترى ضيراً من أن يستمتع الناس بملاذ الحياة الدنيا , وأن تشاركهم أحيانا في هذا الاستمتاع , غير أن أقلية من المسيحيين كانت ترى في النزول إلى هذا الدرك خيانة للمسيح , واعتزمت أن تجد مكانها في السماء عن طرق الفقر , والعفة , والصلاة , فاعتزلت العالم اعتزالا تاماً. ولربما كان مبشرو أشوكا Ashoka ( حوالي ٢٥٠ ق م) قد جاءوا إليه بنظرية البوذية


(١) إنجيل لوقا الإصحاح الرابع عشر الآية ٢٦.
(٢) أيضا الآية ٣٣.
(٣) إنجيل متّى الإصحاح الثامن الآية ١٨ إلى ٢٣.

<<  <   >  >>