للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: في طريق الخلاص.

ثالثا: الغاء التمايز ومحو الأشارة (١).

هذا والقارئ لأقوال الصوفية , والعارف بأحوالهم ورياضاتهم ومجاهداتهم يلاحظ بنفسه تشابها كبيرا بين هؤلاء وأولئك , وخاصة في تعذيب النفس , وتحمل المشاق , والتجوع , وحبس النفس , وإماتة الشهوات , والهروب من الأهل والأولاد , والجلوس في الخلوات , مراقبة صورة الشيخ , طرق الذكر , وكثير من العادات والتقاليد والرسوم , حيث لا يرى فيها إلا مشابهة تامة بتلك المذاهب وأصحابها , كمالا يرى فيها أي أثر للإسلام وتعاليمه , ولا ثبوت من حاملي رايته , ومتمسكي سبيله , متبعي طريقه.

ولوضع النقاط على الحروف لا نرضى مقولات الناس , بل نورد شهادات داخلية , واعترافات ذاتية , وعبارات ناطقة عن منابعها ومصادرها.

فنبدأ بسيد الطائفة الذي قال فيه أبو العباس عطاء:

(إمامنا في هذا العلم ومرجعنا المقتدى به) (٢).

والذي قيل فيه:

(إن الرجال من هذه الطائفة ثلاثة لا رابع لهم: الجنيد ببغداد. وأبو عبد الله بالشام , وأبو عثمان بنيسابور) (٣).

ونقل نيكلسون عن الجامي أنه قال:

(أن الجنيد أول من صاغ المعاني الصوفية , وشرحها كتابة , وأنه كان يعلّم التصوف في بيوت خاصة وفي السراديب) (٤).

ويكفي لبيان مقامه ومكانته عند القوم تلقيبهم إياه بسيد الطائفة , فنبدأ به فيقول:

(ما أخذنا التصوف عن القيل والقال , لكن عن الجوع , وترك الدنيا , وقطع المألوفات والمستحسنات) (٥).


(١) انظر لذلك كتاب تاريخ التصوف الإسلامي للدكتور قاسم غني ترجمة عربية لصادق نشأت , وكتاب مدخل إلى التصوف الإسلامي للدكتور التفتازاني.
(٢) نفحات الأنس للجامي الطبعة الفارسية ص ٨٠.
(٣) أيضا.
(٤) في التصوف الإسلامي وتاريخه ص ٢٠.
(٥) الرسالة القشيرية ج ١ ص ١١٧ بتحقيق عبد الحليم محمود.

<<  <   >  >>