قلت: هذا تعليل حكمي في وجود الخيلان، والصحيح أنها من فعل الفاعل المختار تبارك وتعالى، لأنها توجد في بعض الأناسي دون بعض، بل في الجسد الواحد في مكان دون غيره، وسائر الآدام صالحة لما علله الحكماء، فبطل ما يدعونه، لأن اختصاص أحد الأمكنة بالخال دون بعض مع الاستواء في سائر الجسد للقابلية دليل على [أن] الباري سبحانه وتعالى اختار أن يستأثر هذا المكان بهذه النكتة السوداء وهذا شأن الفاعل المختار، لا صانع غيره، وإذا عرفت هذا فأقول: إن أرباب الفراسة لهم كلام [في] الخيلان واختصاصها بمكان في الجسد دون غيره، واستبدل بعضهم على صحة هذا العلم بقوله:(إن في ذلك آيات للمتوسمين) ولقوله صلى الله عليه وسلم: "أتقوا فراسة المؤمن" الحديث، ويقول الشاعر
فانظر إلى كفي وأسرارها ... هل أنت إن أوعدتني صابر
وقد اخترت لذلك ما هو من كلام أبقراط في "دلائل الخلان" قال: من كان على رأس أرنبة أنفه شامة لم يلد، ومن كان برأس فرطوسه، "وهو وسط شفته العليا" شامة كان محباً لإتيان الذكور، ولم يكن يأتيه من النساء ولد. ومن كان في جبهته فوق إحدى حاجبيه شامة كان محظوظاً من النساء، ومن كان له شامة في منبت الشعر من أعالي الحاجبين كان شبقاً محظوظاً من الناس، ومن كان على إحدى جانبي أنفه في القصبة شامة كالعدسة كان شبقاً محبوباً من النساء ومن كان على وجنته اليمين شامة كالترمسة كان شحيحاً ناقص الحظ من أهله ومن كان على وجنته اليسرى شامة كان كداحاً شقياً، ومن كان على إحدى أذنيه من ورائها شامة كان مبذراً سيء التدبير، ومن كان على جانبي عنقه شامة كان تقياً وفياً، ومن كان على حلقومه شامة كان موسيقاراً محباً للطرب، ومن كان على كتفه، أو من قبل وجهه شامة أو خيلان كان ذا حظ وسعة، ومن كان على رأس كتفه، الأيمن شامة مشعرة كان عاملاً، أو والياً، أو ذا وجاهة. ومن كان بين كتفيه شامة أو خيلان كالرز محمر اللون كان سعيداً، أو ملكاً كبيراً، ومن كان على صدره شامة، أو شامات كان وحيداً في أفعاله، ولا يقتدى بغيره. ومن كان على ثديه الأيمن أو الأيسر شامة كان صديقاً لمن صادقه ومحباً له. ومن كان على سرته شامة أو أكثر، كان نكاحاً شديد الشهوة. ومن كان على سرته شامة أو أكثر، كان نكاحاً شديد الشهوة. ومن كان على بطنه شامة كان شبقاً محباً للنساء، ومن كان على منبت عانته شامة يكون له أولاد ذكور كثيرون، ومن كان على إحدى بيضتيه شامة كان محظوظاٌ من النساء ويولد له بناة كثيرة، ومن كان على إحدى جانبي ذكره شامة كان شبقاً شديد الغلمة، ومن كان على إحدى عضديه أو زندية شامة كان سفاراً مرزوقاً في الأسفار، ومن كان على ظاهر كفيه شامة كان تعباً مهدوراً ومن كان على إحدى أصابع يديه أو شامات كان رديء الحظ ممقوتاً سيء الأخلاق، ومن كان على فخذه الأيمن شامه كان رئيساٌ في نفسه عظيماٌ من العظماء، ومن كان على فخذه ومن كان على فخذه الأيسر شامة كان سعيداً في الأسفار، ومن كان على صلبه شامة خضراء كان محبوباً إلى العلماء محظوظا منهم، ومن كان على إحدى إليتيه خيلان أو شامة كان شديد الشهوة منقلبها، ومن كان على إحدى ركبتيه شامة كان سلطاناً على المشي صبوراً على الأشياء. ومن كان على ساقيه في بطونهما شامة كان تعساً ضنك المعيشة والعيشة، ومن كانت له شامة على قدميه كان شقياً معتراً، ومن كان بوجهه شامات كثيرة العدد كان ذلك من تغلب السوداء، وكان كارهاً للنساء، قليل الإلف للناس، ومن كانت له شامة بقدر الحمصة سوداء أو خضراء في وسط ظهره على السلسلة نال أموالاً جزيلة إرثاً ومن غيره. وهذا جملة ما وجدته من كلام أبقراط في هذا الفن والله أعلم بالصواب.