للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول: الكلام في هذا جار على النهج السابق، فمفاعلتن يدخله تغييرات أربعة: الأول منها بسيط، وهو خرمه بحذف الميم فيجعل اللقب الأول اسماً لهذا التغيير الأول، فيكون العضب بالضاد المعجمة عبارةً عن حذف الميم من مفاعلتن إذا وقع أول البيت. وهو لغةً ذهاب أحد قرني التيس، فسمي هذا التغيير بذلك تشبيهاً له بذهاب أحد القرنين. الثاني منها مركب من الخرم والعصب، بالصاد المهملة، وهو إسكان الخامس المتحرك، وإنما كان هذا ثانياً في رتبة الوضع لأن الإسكان مقدمٌ على حذف الحرف كما قدمناه، فيجعل ثاني الألقاب لثاني التغييرات، فيكون القصم عبارة عن اجتماع العضب والعصبْ عملاً بما سبق. سمي بذلك من قولهم: رجلٌ أقصم إذا ذهبت إحدى ثنيتيه أو رباعيتيه، فشبه الجزء المشتمل على ذلك بالذي انكسرت سنه. الثالث منها مركب من الخرم والعقل، وهو حذف الخامس المتحرك بأن تحذف ميمه ولامه فيجعل ثالث الألقاب اسماً لثالث التغييرات كما سلف. والجمم لغةً ذهاب كلا القرنين، فشبه الجزء لما ذهب أوله وخامسه بالذي ذهب قرناه. الرابع منها مركب من الخرم والنفص، وهو اجتماع الكف والعصب فتحذف الميم وتسكن اللام وتحذف النون، فيجعل اللقب الرابع اسماً لهذا التغيير الرابع الذي هو ميل أحد القرنين وانعطافه، فشبه الجزء بذلك لما ذهب أوله وآخره وحركة خامسه، وعلى الجملة فاعتبر ترتيب الذكر وترتيب الوضع وقابلْ بينهما يظهر لك المراد من كلام الناظم. وإسكانه لميم الجمم التي حقها أن تكون هنا متحركةً بالكسرة ضرورةٌ قبيحة. وقوله ((وقد مضى)) أي النقص، ففيه ضمير مستتر يعود على النقص المذكور في هذا البيت، يشير بذلك إلى تفسير النقص قد مضى عند ذكر الزحاف المزدوج، وأنه عبارة عن اجتماع الكف والعصب فلا حاجة إلى تفسيره ثانياً، والله أعلم.

[ما اجرى من العلل مجرى الزحاف]

قال:

وشعثْ كن اخرم اقطعه أضمرن ... بخبن وأولى سر حذفت ولا سوى

<<  <   >  >>