خلتك, وصدق مودتك. وَقَدْ جمعت لَك فِي هَذَا الكتاب من ذكر التطفيل ومعناه, وأول من نسب إِلَيْهِ وعرف بِهِ, وبيان حكمه, وحمده وذمه, وأخبار أهله الموسومين بِهِ؛ مَا يستروح قلب العالم إِلَيْهِ من ثقل الجد, ويتروح خاطره بالنظر في من دوام الدرس والكد.
وَقَدْ قَالَ عَلِي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: إِن هذه القلوب تمل كَمَا تمل الأبدان وابتغوا لَهَا طرف الحكمة.
وَقَالَ قسامة بْن زهير: روحوا القلوب تعي الذكر.
وجاء عَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الرخصة فس شبيه هَذَا المعنى مَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ الإِمَامُ بِأَصْبَهَانَ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّيَّانِ الْمِصْرِيُّ بِالْبَصْرَةِ, حَدَّثَنَا تَمْتَامٌ, وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ الضَّبِّيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو حذيفة, أخبرنا أبو سُفْيَانُ, عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ (الْحَضْرَمِيِّ) , عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ حَنَشٍ, عَنْ حَنْظَلَةَ (بْنِ الرَّبِيعِ) الْكَاتِبِ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ, وَكُنَّا كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ, فَخَرَجْتُ يَوْمًا, فَأَتَيْتُ أَهْلِي, فَضَحِكْتُ مَعَهُمْ, فَوَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ, فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ, فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ نَافَقْتُ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقُلْتُ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ, فَكُنَّا كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ, فَأَتَيْتُ أَهْلِي, فَضَحِكْتُ مَعَهُمْ؛ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّا لَنَفْعَلُ ذَلِكَ؛ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ, فَقَالَ "يَا حَنْظَلَةُ! لَوْ كُنْتُمْ عِنْدَ أَهْلِيكُمْ كَمَا تَكُونُونَ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلائِكَةُ عَلَى فَرْشِكُمْ وَفِي الطَّرِيقِ؛ يَا حنظلة! ساعة وساعة". (مسلم, رقم: ٢٧٥٠) .