مغاضبًا لأبيه حَتَّى ورد الْمَدِينَة, فصحب قومًا من الجمالين إِلَى الكوفة يعاونهم, ويركب معهم العقبة حَتَّى دَخَلَ الكوفة ,فسأل: من أسرى من بالكوفة مِمَّن يشرب النبيذ وأسراه أَصْحَابًا؟ فقيل: فُلان التاجر البزاز, وَلَهُ ندماء من البزازين. وَكَانَ التجار يصيرون إِلَى منزل كل واحد كل يَوْم, فَإِذَا كَانَ يَوْم الجمعة صاروا إِلَى منزله, فخرج فجلس فِي حلقتهم, كُل واحد مِنْهُم يظن أَنَّهُ جاء مَعَ بَعْضهم يتحدثون ويتحدث معهم حَتَّى انصرفوا, فصاروا إِلَى منزل الرجل وَهُوَ معهم, فلما أخذوا مجالسهم جاءت جارية أخذت مِنْهُم أرديتهم وطوتها, وأوتوا بالطعام, ثُمَّ أوتوا بالنبيذ, فشربوا وكلهم يظن بالوادي ذاك الظن, حَتَّى إِذَا طابت أنفسهم ومر النبيذ في رؤوسهم قام الوادي إِلَى المتوضإ, فأقبل بَعْضهم عَلَى بَعْض, فَقَالُوا: مَعَ من جاء هَذَا!؟ فكلهم يَقُول: والله ما أعرفه! فقالوا: بعض, فَقَالُوا: طفيلي. فَقَالَ صاحب المنزل: فلا تكلموه بشيء, فَإِنَّهُ سري هني عاقل؛ وسمع الْكَلام, فلما خرج حيا الْقَوْم, ثُمَّ قَالَ لصاحب الْبَيْت: هل ها هنا دف مربع؟ قَالَ: لا والله! ولكن نطلبه لَك؛ فأرسل, فاشتري من السوق, وعلموا أَنَّهُ مغن, فلما وقع الدف فِي يده, فلما حركه كاد أَن يتكلم, فكادوا أَن يطيروا من الطرب من نقره بالدفء؛ ثم غنى بحق لَمْ يسمعوا بمثله؛ فلما سكت, قَالُوا: بأبي أَنْتَ يا سيدنا! مَا كَانَ ينبغي أَن يَكُون إلا هكذا. فَقَالَ: قَدْ سمعت كلامكم وَمَا ذكرتم من تطفيلي, وأي شَيْء كَانَ عليكم من رجل دَخَلَ فيما بَيْنَ أضعافكم؟ فَقَالُوا: مَا كَانَ عَلَيْنَا من ذَلِكَ من شَيْء؛ فأقام معهم يومًا, ثُمَّ قَالُوا لَهُ: أين تريد؟ قَالَ: بَاب أمِير الْمُؤْمِنيِنَ؛ فَقَالُوا: وكم أملك؟ قَالَ: ألف دِينَار. قَالُوا: فإنا نعطي اللَّه عهدا إن أراك أمِير الْمُؤْمِنيِنَ فِي سفرك هَذَا ولا عاينك ولا عاينت