المنادمة, فَإِذَا أشكل منزل يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ, وجعل صاحب المنزل يلاطفني ويقبل علي بالحديث, وجعل صاحب المنزل يلاطفني ويقبل عَلِي بالحَدِيث, وجعلوا لا يشكون أَن ذَلِكَ منه لي عَن معرفة متقدمة, وإنما ذَلِكَ الفعل كَانَ منه لما ظن أني منهما بسبيل.
(حَتَّى إِذَا شربنا أقداحا, خرجت عَلَيْنَا جارية- يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ- كَأَنَّهَا غصن بان تثنى؛ فأقبلت تمشي, فسلمت غَيْر خجلة, وثنيت لَهَا وسادة, فجلست, وأتى بعود, فوضع فِي حجرها, فحبسته, فاستنبت في جسها حذقها؛ ثن اندفعت تغني:
توهمها طرفي فأصبح خدها ... وفيها مكان الوهم من نظري أثر
وصافحها قلبي فآلم كفها ... فمن مس قلبي فِي أناملها عقر
فهيجت- يا أمير المؤمنين- بلابلي, وطربت بحسن شعرها وحذقها, ثُمَّ اندفعت تغني:
أشرت إِلَيْهَا هل عرفت مودتي ... فردت بطرف العين إني عَلَى العهد
فحدت عَنِ الإظهار عمدا لسرها ... وحادت عَنِ الإظهار أيضًا عَلَى عمد
فصحت: السَّلام- يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ- وجاءني من الطرب مَا لَمْ أملك نفسي, ثُمَّ اندفعت تغني الصوت الثالث:
أليس عجيبًا أَن بيتا يضمني ... وإياك لا تخلو ولا نتكلم
سِوَى أعين تشكو الهوى بجفونها ... وتقطيع أنفاس عَلَى النأي تضرم
إشارة أفواه وغمز حواجب ... وتكسير أجفان وكف تسلم.
فحسدتها - يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ- عَلَى حذقها, وإصابتها معنى الشعر, وأنها لَمْ تخرج من الفن الَّذِي ابتدأت فِيهِ, فَقُلْتُ: بقي عليك يا جارية؛ فضربت بعودها الأَرْض, وقال: مَتَى كنتم تحضرون مجالسكم البغضاء؟ فندمت عَلَى مَا كَانَ مني, ورأيت الْقَوْم كلهم قَدْ