أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطوسي, حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سمعت مخارقًا المغني يَقُول: طفلت تطفيلة قامت عَلَى أمِير الْمُؤْمِنيِنَ الْمُعْتَصِم بمئة ألف درهم؛ فقيل لَهُ: وكيف ذاك؟ قَالَ: شربت مَعَ الْمُعْتَصِم ليلة إِلَى الصبح, فلما أصبحنا, قُلْت لَهُ: يا سيدي! إِن رأى أمِير الْمُؤْمِنيِنَ أَن يأذن لي فأخرج فأتنسم فِي الرصافة إِلَى وقت انتباه أمِير الْمُؤْمِنيِنَ. قَالَ: نَعَم! فأمر البوابين, فتركوني.
قَالَ: فجعلت أمشي فِي الرصافة, فبينا أنا أمشي إذ نظرت إِلَى جارية كأن الشَّمْس تطلع من وجهها, فتبعتها, ومعها زبيل مشاوب, فوقفت عَلَى صاحب فاكهة, فاشترت مكنه سفرجلة بدرهم, ورمانة بدرهم, وكمثرة بدرهم؛ وتبعتها, فالتفتت, فرأتني خلفها أتبعها, فَقَالَتْ لي: يا ابْن الفاعلة! لا تلني, إِلَى أين؟ قُلْت: خلفك يا سيدتي. فَقَالَتْ: ارجع يا ابْن الفاعلة لا يراك أحد فتقتل.
قَالَ: ثُمَّ التفتت بَعْد, فنظرت إلي.
قَالَ: فشتمتني ضعف مَا شتمتني فِي المرة الأولى, ثم جاءت, ثُمَّ جاءت إِلَى بَاب كبير, فدخلت منه. فجلست بحذاء الباب, فَذَهَبَ عقلي, ونزلت الشَّمْس, وَكَانَ يومًا حارًا, فلم ألبث أَن جاء فتيان كأنهما صورتان عَلَى حمارين مصريين, فأذن لهما, فدخلا ودخلت معهما, فظن صاحب المنزل أني جئت مَعَ صديقيه, وظن صديقاه أَن صاحب المنزل دعاني, وجيء بالطعام, فاكلوا وغسلوا أيديهم, ثُمَّ قَالَ لَهُمْ صاحب المنزل: هل لكم فِي فلانة؟ قَالُوا: إِن تفضلت؟ فخرجت تلك الجارية بعينها وقدامها وصيفة تحمل عودًا لَهَا, فوضعته فِي حجرها, فغنت, فطربوا وشربوا, وَقَالُوا: لمن هَذَا يا ستنا؟ قَالَتْ: لسيدي مخارق؛ ثُمَّ غنت صوتًا آخر فطربوا, وازداد طربهم, فَقَالُوا لَهَا: لمن