للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- غزوها:

وللعرب في طبرستان وقائع مشهورة، فاستولوا عليها، وكانت جزءاً من مملكتهم. وأول من ⦗٨٤⦘ قصدها سويد بن مقرن، أرسله أخوه نعيم بأمر عمر، فسار سويد نحو قومس فأخذها سلماً، ثم دخل جرجان، وقيل: صالحه الأصبهند - صاحب طبرستان.

ثم غزاها سعيد بن العاص. خرج عبد اللَّه بن عامر من البصرة يريد خراسان فسبق سعيداً، ونزل أبرشهر، وبلغ نزول أبرشهر سعيداً، فنزل سعيد قومس (١) وهي صلح، صالحهم حذيفة بعد نهاوند فأتى جرجان، فصالحوه على ٢. ٠٠٠. ٠٠٠ ثم أتى طَمِية (٢) وهي كلها من طبرستان متاخمة جرجان. وهي مدينة على ساحل البحر، وهي في تخوم جرجان، فقاتله أهلها حتى صلى صلاة الخوف. فقال لحذيفة: كيف صلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ فأخبره. فصلى بها سعيد صلاة الخوف وهم يقتتلون. وضرب يومئذٍ سعيد رجلاً من المشركين على حبل عاتقه فخرج السيف من تحت مرفقه، وحاصرهم فسألوا الأمان فأعطاهم، على أن لا يقتل منهم رجلاً واحداً. ففتحوا الحصن فقتلهم جميعاً إلا رجلاً واحداً وحوى ما كان في الحصن.

وفتح سعيد بن العاص نامية، وهي ليست بمدينة بل صحارى، ثم قفل إلى الكوفة فمدحه كعب بن جعيْل فقال:

فنعم الفتى إذ جال جيلانُ دونه ... وإذ هبطوا من دَستبى ثم أبهرا

تعلم سعيد الخير أن مطيتي ... إذا هبطت أشفقتُ من أن تعَقَّرا

كأنك يوم الشعب ليثُ خفية ... تحرَّد من ليث العرين وأصحرا

تسوس الذي ما ساس قبلك واحد ... ثمانين ألفاً دارعين وحسَّرا

ولما صالح سعيد أهل جرجان كانوا يجبون أحياناً مائة ألف، وأحياناً مائتي ألف، وأحياناً ثلاثمائة ألف، وكانوا ربما أعطوا ذلك وربما منعوه، ثم امتنعوا وكفروا.


(١) قومس: كورة كبيرة واسعة بها مدن وقرى ومزارع في ذيل جبل طبرستان.
(٢) طَمِية: وردت في ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٣/ص ٧: "طُمِيْسَة" ولعل ورودها في هذا الكتاب خطأ والصواب هو ما جاء في الكامل في التاريخ لابن الأثير، وهي مدينة مشهورة من سهول طبرستان.

<<  <   >  >>