للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- سقوط خاتم رسول اللَّه (١) من إصبع عثمان (٢) (سنة ٣٠ هـ/ ٦٥١ م) :

لما أراد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن يكتب إلى الأعاجم كتباً يدعوهم إلى اللَّه عز وجل وقال له رجل: يا رسول اللَّه إنهم لا يقبلون كتاباً إلا مختوماً. فأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن يعمل له خاتم من فضة، ⦗٨٥⦘ فجعله في إصبعه، وكان نقشه ثلاثة أسطر "محمد" سطر، و "رسول" سطر، و "اللَّه" سطر. والأسطر الثلاثة تقرأ من أسفل إلى فوق، محمد آخر الأسطر، ورسول في الوسط، واللَّه فوق، وكانت الكتابة مقلوبة لتكون على الاستواء إذا ختم به، فكان ذلك الخاتم في يده صلى اللَّه عليه وسلم، ولما استخلف أبو بكر ختم به. ثم ولي عمر بن الخطاب فجعل يتختم به، ثم ولي من بعده عثمان فتختم به ست سنين فحفر بئراً بالمدينة شرباً للمسلمين (٣) ، وهي على ميلين من المدينة، وكانت قليلة الماء، فجاء عثمان ذات يوم فقعد على رأس البئر فجعل يعبث بالخاتم، فسقط من يده في البئر فطلبوه فيها، ونزحوا ما فيها من الماء، فلم يعثروا عليه، فجعل فيه مالاً عظيماً لمن جاء به، واغتم لذلك غماً شديداً، فلما بئس منه صنع خاتماً آخر على مثاله ونقشه، فبقي في إصبعه حتى قتل، ثم ضاع هذا الخاتم ولم يُعلم من أخذه. وقد تشاءم المسلمون لضياع خاتم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وقالوا: إن عثمان لما مال عن سيرة مَن كان قبله كان أول ما عوقب به ذهاب خاتم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من يده.

قال أحمد بن يحيى بن جابر: نسبت إلى أريس رجل من المدينة من اليهود وعليها مال لعثمان بن عفان. والأريس في لغة أهل الشام الفلاَّح وهو الأكار، وجمعه أريسون وأرارسة وأرارس. وفي الأصل جمع أريس بتشديد الراء.


(١) الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج ٢/ص ٦١٤، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٣/ص ٩، ابن كثير، البداية والنهاية ج ٧/ص ١٥٥.
(٢) هو بئر أرِيْس: بئر بالمدينة بقباء مقابل مسجدها.
(٣) الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج ٢/ص ٦١٥، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٣/ص ١١.

<<  <   >  >>