سُورَة الدُّخان
قَالَ الله تَعَالَى {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢)} [الدخان: ١٠ - ١٢]
أَي تَأتي السَّمَاء بجدب ومجاعة فَإِن الجائع جدا جرى بَينه وَبَين السَّمَاء هَيْئَة الدُّخان وَهِي ظلمَة تعرض لِلْبَصَرِ لضَعْفه فيتوهم ذَلِك فإطلاق الدُّخان على ذَلِك المرئي بِاعْتِبَار أَن الرَّائِي يتوهمه دخانا وَلَا يأباه وَصفه ب {مُبين} أَو لِأَن الْهَوَاء يتكدر سنة الجدب بِكَثْرَة الْغُبَار لقلَّة الأمطار المسكنة لَهُ أَو أَن السَّمَاء يظْهر مِنْهَا دُخان كثير حَقِيقَة وَذَلِكَ لقرب السَّاعَة وَفِي التَّفْسِير تَفْصِيل ذَلِك
وَهَذِه الْآيَة لَا دخل لَهَا فِي هَيْئَة السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا على وَجه بعيد
وَقَالَ تَعَالَى {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩)} [الدخان: ٢٩]
يُرَاد بالبكاء عدم الاكتراث بهلاكهم وَلَا الِاعْتِدَاد بوجودهم وَقد كثر فِي التَّعْظِيم لمهلك الشَّخْص {بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} بكته الرّيح وَنَحْو ذَلِك وَفِي التَّفْسِير شَوَاهِد كَثِيرَة من شعر الْعَرَب عَلَيْهِ
وَمن أثبت كالصوفية للأجرام السماوية والأرضية وَسَائِر الجمادات شعورا لائقا بِحَالِهَا لم يحْتَج إِلَى اعْتِبَار الْمجَاز وَأثبت بكاء حَقِيقِيًّا لَهَا بِحَسب مَا تَقْتَضِيه ذَاتهَا ويليق بهَا أَو أَوله بالحزن أَو نَحوه أَو أثْبته لَهَا بِحَسب ذَلِك أَيْضاً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute