للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجالا جولةً لو لم يكونا ... ذَوَيْ أَيْدٍ تَمَسُّ الأَرضَ طارا

وأما الأوعال العاقلة فقعدوا لها بالأسهم يقيناً ليس بتوهم، يرمون الشواكل ويجعلونها مآكل، ويطرفان من أشجار الجبال حيث لا يفرق من الليث الرئبال، ويردان ما جادت به السحب في إخاذ وقلات، وينصلتان المنبأة المستمعة أيما انصلات. قال " النمر بن تولب " وذكر الوعل:

بِإِسْبِيلَ أَلقَتْ به أمُّه ... على رأْسِ ذي شُرَفٍ أَقْتَما

إِذا شاءَ طالَع مسجورةً ... ترى حولها النبعَ والسَّأسَما

تكونُ لأَعدائه مَجْهَلا ... مُضِلاًّ وكانت له مَعْلَما

سقَتْه الرواعِدُ مِن صَيِّفٍ ... وإِنْ من خريفٍ فلن يَعدَما

أَتاح له الدهرُ ذا وَفْضةٍ ... يُقلِّبُ في كَفِّه أَسهُمَا

فأَهوَى إليه بِحَشْرٍ له ... ولن يرهبَ المرءُ أَن يَكْلِمَا

فأَخرج من نَبْلِه أَهْزَعاً ... فشَكَّ نواهِقَه والفَمَا

فظلَّ شبيباً كأَن الوَلو ... عَ كان بغِرَّتِه مُتْئِما

أَتى حِصْنَه ما أَتى تُبَّعاً ... وأَبْرهةَ المَلِكَ الأَشْرَما

وقال " ساعدة بن جوية ":

تاللهِ يَبقى على الأَيام ذو حَيَدٍ ... أَدفَى صَلودٌ من الأَوعالِ ذو خدَمِ

من دونِهِ شعَفٌ قَرٌّ وأسفلَه ... جِيٌّ تنَطَّقُ بالظَّيَّانِ والعُتُمِ

يرودُ فيها نهاراً ثم مَورِدُه ... طامٍ عليه فروعُ القانِ والنَّشم

موَكَّلٌ بِشُدوفِ الصَّومِ يَرقُبها ... من المغارب مخطوفُ الحَشَى زَرِمُ

ثم يَنوشُ إِذا آدَ النهارُ له ... مع الترقُّبِ من نِيمٍ ومن كتَمِ

حتى أَتيح له رامٍ بمُحدِلة ... جَشْءٍ وبِيضٍ نواحيهن كالسَّجَمِ

دَلَّى يديه له قصراً فأَلزمَه ... نَفَّاحَةً غيرَ إِخطاءٍ ولا شَرَمٍ

فجال منه بأَعلى الرَّيْدِ ثم كبا ... على نَضِيٍّ خِلالَ الجوفِ منحطمِ

وقال آخر يصف رجلاً متصعلكاً:

لا مالَ إِلا العِطافُ تُؤزِرُه ... أمُّ ثمانينَ وابنةُ الجَبَلِ

لا يرتقى النَّزُّ في ذلاذِلِه ... ولا يُعَدِّي نَعلَيه من بَلَلِ

عُصْرَتُه نُطفةٌ إِلى لَصَبٍ ... مما تناهَى له من السبَلِ

ومُضْغَةٌ من بَناتِ شاكِلَةٍ ... لو لم يُرِغْها بالقوسِ لم تُنَلِ

والنعام، ركب عليها الفارس فإذا سنانه وارس. حمل على خيط راتعلها في النهار الماتع، ونعم في خصيب العشرق، فعاد كله بجرض الشرق فرق بين ربداء وظليم، ولم يكن في المقارنة بمليم. وطعن أم الرأل فهوت بين الأجرال. وكانت صاحبة أدحى قد نأت عن أهل الحي. وتلك الودائع، شهد الله، في ضمائر الزعر المتأبدات، أنفس من الغرائب البحرية عند الغيد المتقلدات. وربما راحت وهي زعلة تواجه إليه ريحاً ومطراً وقد وضعته في المقفرة سطراً، كما قال " ابن أحمر ":

فما بيضاتُ ذي لِبَدٍ هِجَفٍّ ... سُقِينَ بِزاجلٍ حتى رَوِينا

وُضِعْنَ وكُلُّهن على غِرارٍ ... هجانَ اللونِ قد وُسِقَتْ جَنيناً

وقد يصادف ثفلها جاني كمأة أو راع، فيفجعها غير مراع. فتجزع لذلك الأمرين، والهاً تحرب بزهاء العشرين. كيف لها، والله عليم، أن يجعل خالقك ريشها نبلاً فترمى بها من سعر فؤادها تبلاً؛ ومنقارها النابي جرازاً أو لهذماً، لتخلف حبل من عادته جذمها؟ قال:

فيوماً على بُقْعٍ دِقاقٍ صدورُه ... ويوْماً على سُفعِ المدامع رَبْرَبِ

وقال " ذو الرمة ":

وبيضاء لا تَنحاشُ مِنا وأمُّها ... إِذا ما رأَتنا زِيلَ منا زَوِيلُها

نَتُوجٍ ولم تُقرَفْ لما يُمتَنَى له ... إِذا نُتِجتْ ماتتْ وحَيَّ سَليلُها

وقال " الشماخ ":

وبيضاءَ من سوداءَ قد صِدْتُ صاحبي ... ولادةَ صِعْوَنَّينِ حُمْشٍ شَوَاهُما

وقال آخر:

<<  <   >  >>