كتاب إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين

الرسالة الأولى في بيان حكم الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستنصار به - الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وأرسل الرسل لبيان تلك العبادة والدعوة إليها - ص: 11

{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨] (١) وهذا يعم جميع المخلوقات من الأنبياء وغيرهم، لأن (أحدا) نكرة في سياق النهي فتعم كل من سوى الله سبحانه. وقال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ} [يونس: ١٠٦] (٢) وهذا خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومعلوم أن الله سبحانه قد عصمه من الشرك وإنما المراد من ذلك تحذير غيره، ثم قال عز وجل: {فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: ١٠٦] (٣) فإذا كان سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام لو دعا غير الله يكون من الظالمين فكيف بغيره؟ والظلم إذا أطلق يراد به الشرك الأكبر كما قال سبحانه: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٥٤] (٤) وقال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣] (٥) فعلم بهذه الآيات وغيرها أن دعاء غير الله من الأموات والأشجار والأصنام وغيرها شرك بالله عز وجل ينافي

---

(١) سورة الجن الآية ١٨.
(٢) سورة يونس الآية ١٠٦.
(٣) سورة يونس الآية ١٠٦.
(٤) سورة البقرة الآية ٢٥٤.
(٥) سورة لقمان الآية ١٣.