تَأْكُل الْغنم، وَلَا الْغنم تخَاف الذئاب، فَلَمَّا رأتني أوجزت فِي صلَاتهَا، ثمَّ قَالَت: ارْجع يَا ابْن زيد، لَيْسَ الْموعد هَاهُنَا، إِنَّمَا الْموعد ثمَّ. فَقلت: رَحِمك اللَّهِ، وَمن أعلمك أَنِّي ابْن زيد؟ فَقَالَت: أما علمت أَن الْأَرْوَاح جنود مجندة، فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف، وَمَا تناكرمنها اخْتلف. فَقلت لَهَا: عظيني؟ فَقَالَت: وَاعجَبا لواعظ يوعظ! ثمَّ قَالَت: يَا ابْن زيد، إِنَّك لَو وضعت معايير الْقسْط على جوارحك لخبرتك بمكتوم مَكْنُون مَا فِيهَا، يَا ابْن زيد، إِنَّه بَلغنِي أَنه مَا من عبد أعطي من الدُّنْيَا شَيْئا فابتغي إِلَيْهِ ثَانِيًا إِلَّا سلبه اللَّهِ [تَعَالَى] حب الْخلْوَة مَعَه، وبدله بعد الْقرب الْبعد، وَبعد الْأنس الوحشة، ثمَّ أنشأت تَقول:
(يَا واعظا قَامَ لاحتساب ... يزْجر قوما عَن الذُّنُوب)
(تنْهى وَأَنت السقيم حَقًا ... هَذَا من الْمُنكر العجيب)
(لَو كنت أصلحت قبل هَذَا ... عيبك أوتبت من قريب)
(كَانَ لما قلت يَا حَبِيبِي ... موقع صدق من الْقُلُوب)
(تنْهى عَن الغي والتمادي ... وَأَنت فِي النَّهْي كالمريب)
فَقلت لَهَا: إِنِّي أرى هَذِه الذئاب مَعَ الْغنم، فَلَا الْغنم تفزع من الذئاب وَلَا تَأْكُل الذئاب الْغنم، فَأَي شَيْء هَذَا؟ فَقَالَت: إِلَيْك، فَإِنِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute