للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ مَا عارضها من هَذِه الرِّوَايَات الَّتِي فِيهَا الْإِثْبَات. فَالْجَوَاب مَا قَالَه أَصْحَابنَا: أَن شَهَادَة النَّفْي إِنَّمَا ترد إِذا لم يحط بهَا علم الشَّاهِد وَلم تكن محصورة، أما مَا أحَاط بِهِ علمه وَكَانَ محصورًا فَيقبل بالِاتِّفَاقِ. وَهَذِه قصَّة مَعْرُوفَة أحَاط بهَا جَابر وَأنس علما، وَأما رِوَايَة الْإِثْبَات فضعيفة، فوجودها كَالْعدمِ، إِلَّا حَدِيث عقبَة، وَقد سلف الْجَواب عَنهُ، وَاشْتَدَّ إِنْكَار الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي «الْأُم» وتشنيعه عَلَى من يَقُول: يصلَّى عَلَى الشَّهِيد، محتجًّا بِرِوَايَة الشّعبِيّ وَغَيره «أَن حَمْزَة صُلِّي عَلَيْهِ سَبْعُونَ صَلَاة، وَكَانَ يُؤْتَى بِتِسْعَة من الْقَتْلَى وَحَمْزَة عاشرهم، ثمَّ يرفعون وَحَمْزَة مَكَانَهُ، ثمَّ يُؤْتَى بِتِسْعَة أُخْرَى، فَيصَلي عَلَيْهِم وَعَلَى حَمْزَة، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سبعين صَلَاة» . قَالَ الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ: شُهَدَاء أحد اثْنَان وَسَبْعُونَ شَهِيدا، فَإِذا صلي عَلَيْهِم عشرَة عشرَة، فالصلوات لَا تكون أَكثر من سبع صلوَات أَو ثَمَان، عَلَى أَنه صلي عَلَى كل تِسْعَة مَعَ حَمْزَة صَلَاة، فَهَذِهِ تسع، فَمن أَيْن جَاءَت سَبْعُونَ صَلَاة؟ ! وَإِن عني بِهِ أَنه كبر سبعين تَكْبِيرَة فَنحْن وهم نقُول: التَّكْبِير أَربع، فَهِيَ إِذا كَانَت تسع صلوَات تكون سِتًّا وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَة. قَالَ الشَّافِعِي: يَنْبَغِي لمن رَوَى هَذَا الحَدِيث أَن يستحيي عَلَى نَفسه، وَقد كَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يُعَارض بِهِ الْأَحَادِيث، فقد جَاءَت من وُجُوه متواترة أَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - لم يصل عَلَيْهِم. وَنقل هَذَا النَّص كُله الْبَيْهَقِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كتاب «الْمعرفَة» وَقَالَ فِي «خلافياته» : لَا يَصح عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه صَلَّى عَلَى أحد من شُهَدَاء أحد، (لَا) عَلَى حَمْزَة وَلَا عَلَى غَيره. وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ: من الأساليب مَا ذكر من صَلَاة النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>