للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْن دحْيَة: وَكَذَا حَدِيث أبي مَالك السالف لَا يَصح بِسَبَب حُصَيْن لشدَّة ضعفه، وتخليط عقله. وَقد تقدم مَا فِي هَذَا، وَفِي «مُسْند أَحْمد» من حَدِيث عَطاء بن السَّائِب، عَن الشّعبِيّ، عَن ابْن مَسْعُود «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام وضع حَمْزَة فَصَلى عَلَيْهِ، وَجِيء بِرَجُل من الْأَنْصَار، فَوضع إِلَى جنبه فَصَلى عَلَيْهِ، فَرفع الْأنْصَارِيّ، وَترك حَمْزَة حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ سبعين صَلَاة» . وَنقل النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» و «الْخُلَاصَة» أَيْضا (اتِّفَاق) الْحفاظ عَلَى ضعف هَذِه الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة - وَلم يذكر حَدِيث ابْن مَسْعُود السالف - إِلَّا حَدِيث عقبَة، وَأَنه لم يَصح فِي إِثْبَات الصَّلَاة عَلَى الشَّهِيد وغسله شَيْء، قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره: وَأقرب مَا فِيهِ هَذَانِ المرسلان. يَعْنِي: حَدِيث أبي مَالك وَشَدَّاد بن الْهَاد. وَأجَاب الْحفاظ عَن حَدِيث عقبَة بِأَن المُرَاد بِالصَّلَاةِ الدُّعَاء، وَقَوله: «صلَاته عَلَى الْمَيِّت» أَي: دَعَا لَهُم كدعاء صَلَاة الْمَيِّت. وَهَذَا التَّأْوِيل مُتَعَيّن، وَلَيْسَ المُرَاد صَلَاة الْجِنَازَة الْمَعْرُوفَة بِالْإِجْمَاع؛ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا فعله بعد مَوْتهمْ (بثمان سِنِين) ، وَلَو كَانَ صَلَاة الْجِنَازَة لما (أَخّرهَا ثَمَان سِنِين) وَلِأَن عندنَا لَا يصلى عَلَى الشَّهِيد، وَعند الْمُخَالف لَا يصلى (عَلَى) الْقَبْر بعد ثَلَاثَة أَيَّام، فَوَجَبَ تَأْوِيله، وَلِأَن الْمُخَالف لَا يقبل خبر الْوَاحِد فِيمَا تعم بِهِ الْبَلْوَى، وَهَذَا مِنْهَا، فَإِن قيل: حَدِيث جَابر وَأنس (السالفين) فِي الِاحْتِجَاج بهما وَقْفَة؛ لِأَنَّهَا نفي، وَشَهَادَة النَّفْي مَرْدُودَة

<<  <  ج: ص:  >  >>