باستحبابه وَلَا مَأْخَذ لاستحبابه إِلَّا خبر أَو أثر؛ لِأَن هَذَا لَا مجَال للْقِيَاس فِيهِ، وَإِن كَانَ مَا أوردهُ الْغَزالِيّ من الْخَبَر مَوْضُوع، فَهُوَ أثر عَن بعض السّلف كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح، وَهَذَا الحَدِيث وَصفه المتقدمون بإنهم ارتضوا إِسْنَاده دون الْوَضع. قَالَ: وَالْأَشْبَه عِنْدِي إِن لم يكن سنة فَهُوَ مُسْتَحبّ، وَصَاحب «التَّتِمَّة» و «التَّهْذِيب» عَلَّلَاهُ بتطويل الْغرَّة. قَالَ: فيقوي الْخَبَر الْمَذْكُور؛ إِذْ الْحِلْية الْمَطْلُوبَة وَالْغسْل لَا يَجْتَمِعَانِ فِي غسل وَاحِد فِي الْقيمَة.
الحَدِيث الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ
عَن ابْن عمر رَضي اللهُ عَنهما أَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: «من تَوَضَّأ وَمسح عُنُقه وُقِي الغل يَوْم الْقِيَامَة» .
هَذَا الحَدِيث أَيْضا غَرِيب، وَهُوَ مثل الَّذِي قبله، وَعَزاهُ الرَّوْيَانِيّ - من أَصْحَابنَا - إِلَى تصنيف أَحْمد بن فَارس، فَقَالَ: رَأَيْت فِي تصنيف أَحْمد بن فَارس بِإِسْنَادِهِ عَن فليح بن سُلَيْمَان، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: «من تَوَضَّأ وَمسح بيدَيْهِ عَلَى عُنُقه وقِي الغل يَوْم الْقِيَامَة» . قَالَ الرَّوْيَانِيّ: وَهَذَا صَحِيح - إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قلت: وفليح هَذَا أخرج لَهُ الشَّيْخَانِ، وَتكلم فِيهِ النَّسَائِيّ وَغَيره، وليت الرَّوْيَانِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذكر لنا بَاقِي إِسْنَاده لنَنْظُر (فِي) حَاله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute