للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحِينَئِذٍ يكون الأَصْل مُسَاوَاة الْفِعْلَيْنِ فِي النَّهْي عَنْهُمَا، وتأكيدهما بالنُّون الشَّدِيدَة، فَإِن الْمحل الَّذِي توارد عَلَيْهِ شَيْء وَاحِد وَهُوَ المَاء فعدوله عَن «ثمَّ لَا يغتسلن» دَلِيل عَلَى أَنه لم يرد الْعَطف، وَإِنَّمَا جَاءَ «ثمَّ يغْتَسل» عَلَى التَّنْبِيه عَلَى حَال الْحَال، وَمَعْنَاهُ: أَنه إِذا بَال فِيهِ قد يحْتَاج إِلَيْهِ فَيمْتَنع عَلَيْهِ اسْتِعْمَاله لما أوقع فِيهِ من الْبَوْل، انْتَهَى كَلَام الْقُرْطُبِيّ.

قَالَ شَيخنَا فتح الدَّين: وَالتَّعْلِيل الَّذِي علل بِهِ النَّوَوِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ امْتنَاع النصب ضَعِيف؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكثر من كَون (هَذَا) الحَدِيث لَا يتَنَاوَل النَّهْي عَن الْبَوْل فِي المَاء الراكد مفرده، وَلَيْسَ يلْزم أَن يدل عَلَى الْأَحْكَام المتعددة بِلَفْظ وَاحِد فَيُؤْخَذ النَّهْي عَن الْجمع من هَذَا الحَدِيث وَالنَّهْي عَن الْإِفْرَاد من حَدِيث آخر.

الحَدِيث الْعَاشِر

عَن قَتَادَة عَن عبد الله بن سرجس رَضي اللهُ عَنهُ قَالَ: «نهَى رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَن يبال فِي الْجُحر؟ ! قَالُوا لِقَتَادَة: مَا يكره من الْبَوْل فِي الْجُحر (قَالَ: يُقَال) : إِنَّهَا مسَاكِن الْجِنّ» .

هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي «مُسْنده» وَأَبُو دَاوُد (وَالنَّسَائِيّ) فِي «سنَنَيْهِمَا» وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي «الْمُسْتَدْرك

<<  <  ج: ص:  >  >>