قلت: وَلِهَذَا الحَدِيث طَريقَة أُخْرَى رَوَاهَا ابْن مَاجَه عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى، نَا مُحَمَّد بن الْمُبَارك، ثَنَا يَحْيَى بن حَمْزَة، ثَنَا ابْن أبي فَرْوَة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا: «لَا يبولن أحدكُم فِي المَاء الناقع» .
وَطَرِيقَة أُخْرَى رَوَاهَا الْحَافِظ أَبُو نعيم فِي كِتَابه «معرفَة الصَّحَابَة» من حَدِيث الْحَارِث بن يزِيد الْجُهَنِيّ رَضي اللهُ عَنهُ قَالَ: «كَانَ النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - ينْهَى أَن يبال فِي المَاء الْمُجْتَمع (و) المستنقع» .
فَائِدَة: قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ «ثمَّ يغْتَسل فِيهِ» قَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح مُسلم» : الرِّوَايَة «يغْتَسل» مَرْفُوع؛ أَي: لَا تبل ثمَّ أَنْت تَغْتَسِل مِنْهُ. وَكَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي كِتَابه «الْمُفْهم» أَن الرِّوَايَة الصَّحِيحَة: «يغتسلُ» مَرْفُوع اللَّام. قَالَ النَّوَوِيّ: وَذكر شَيخنَا أَبُو عبد الله بن مَالك أَنه يجوز أَيْضا جزمه عطفا عَلَى يبولن، ونصبه بإضمار «أَن» وَإِعْطَاء «ثمَّ» حكم وَاو الْجمع. قَالَ: فَأمر الْجَزْم فَظَاهر، وَأما النصب فَلَا يجوز؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَن الْمنْهِي عَنهُ الْجمع بَينهمَا دون إِفْرَاد أَحدهمَا، وَهَذَا لم يقلهُ أحد؛ بل الْبَوْل فِيهِ مَنْهِيّ عَنهُ سَوَاء أَرَادَ الِاغْتِسَال فِيهِ أَو (مِنْهُ أم) لَا. انْتَهَى كَلَام النَّوَوِيّ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: لَا يجوز النصب (إِذْ لَا ينْتَصب) بإضمار «أَن» بعد «ثمَّ» . قَالَ: والجزم لَيْسَ بِشَيْء إِذْ لَو أَرَادَ ذَلِك لقَالَ: ثمَّ لَا يغتسلن؛ لِأَنَّهُ إِذْ ذَاك يكون عطف فعل عَلَى فعل لَا عطف جملَة (عَلَى جملَة)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute