اجْتمع الناسُ عَلَى تَركه.
وَقَالَ ابْن عَسَاكِر فِي أول «أَطْرَافه» : صنف أَبُو دَاوُد كِتَابه الَّذِي سمَّاه «السّنَن» ، فأجاد فِي تصنيفه وَأحسن، وَقصد أَن يَأْتِي فِيهِ بِمَا كَانَ صَحِيحا مشتهرًا، أَو غَرِيبا (حسنا) مُعْتَبرا، ويطرح مَا كَانَ مطَّرحًا مستنكرًا، (ويجتنب) مَا كَانَ شاذًّا مُنْكرا.
قلت: وَمَا حَكَاهُ الْخطابِيّ فِيهِ نظر؛ فإنَّ فِي «سنَنه» أَحَادِيث ظَاهِرَة الضعْف لم يبينها، مَعَ أنَّها ضَعِيفَة كالمرسل، والمنقطع، وَرِوَايَة مَجْهُول: كشيخ، وَرجل، وَنَحْوه، كَمَا سَلَفَ.
وَأجَاب النَّوَوِيّ فِي «كَلَامه عَلَى سنَنه» (عَنهُ) : بِأَنَّهُ - (وَهُوَ) مُخَالف أَيْضا لقَوْله: وَمَا كَانَ فِيهِ وَهن شَدِيد بَيَّنْتُه - لَمَّا كَانَ ضَعْفُ هَذَا النوعِ ظَاهرا، اسْتَغنَى بظهوره عَن التَّصْرِيح ببيانه.
قلت: فعلَى كل حَال لَا بُد من تَأْوِيل كَلَام أبي دَاوُد، والحقُّ فِيهِ مَا قَرَّره النَّوَوِيّ.
وَأما قَول الْحَافِظ أبي طَاهِر السلَفِي: سنَن أبي دَاوُد من الْكتب الْخَمْسَة الَّتِي اتّفق عَلَى صِحَّتهَا عُلَمَاء الشرق والغرب، فَفِيهِ تساهلٌ كبيرٌ.
وتَأَوَّلَ النوويُّ عَلَى إِرَادَة الْمُعظم.
فصل
وَأما جَامع أبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ: فقد كفانا مُؤْنَة الْكَلَام عَلَيْهِ مُؤَلِفُه،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute