للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجع: رب اجعل ذكراك أنسي، وطاعتك مزاج نفسى، ولرضاك حركتي وحسي، في الدفء والقرس، والمسير والمعرس؛ ذات الحلى المكرس، والحجل الأخرس، في لحدٍ قد اندرس، يابن آدم علقت من الدنيا بأصعف مرسٍ، وطوقت الناقة بقيد الفرس،، فهل لحشا شتك من حرسٍ؟! مولاي قد سئمت هذه الدار وأنا فيها بخيرٍ، فانقلني باختيارك إلى حيث تشاء. وتخير العبد على مولاه شقاق، ولا سيما إذا كان غير أوابٍ. فطوبى للأضز عن الغيبة، الأجلع بذكر الله، الأصم عن قيل الجهال، الأكمه عن معايب سواه، الأشل دون ما ليس له، المقيد عن سعي القدم في الفساد؛ والخالق عنك غنى، فامهد لضجعتك يا صاح. غاية.

تفسير: القرس: البرد. والمكرس: الذي بعضه على بعضٍ. وقيد الفرس هاهنا: سمة توسم بها الإبل؛ قال الراجز:

كوم على أعنا قها قيد الفرس ... تنجو إذا الليل تدحى والتبس

والأضز: الذي تتقارب أسنانه بعضها من بعضٍ. ويقال: هو الذي لا يستطيع المبالغة في فتح فيه لتقارب أسنانه العليا من أسنانه السفلى. والأجلع: الذي لا تلتقي شفتاه يكون فيهما قصر عن أن تلتقيا، ويقال: إن الأخفش سعيد بن مسعدةٍ كان أجلع.

رجع. رب الجون واللجون، والبدر المسجون، حتى يعود كالعرجون بقدر على إدالة المهتضم، وترك المعظم كاللحم على الوضم، زويت عنى الدنيا فأسفت، وأشفقت لذلك وخفت، وأحببت لها وشنفت، ولو أنصفت لعفت ما أستوبله فما نثفت. موت أسامة أحسن به من افتراس البر، وإذا رضيت اللقوة بصيد الحرشف بطل حظها في الحياة، وغذا مضى دهرك على منهاجٍ فلتضح كأوله بقاياه. ولا تكن مثل الأربد أقام عمره ما ورد ثم كرع في آجن صراةٍ؛ وكالأرقم أقام برهةً يسكن التراب ثم انتقل إلى ماء ذي طينٍ، وكل عند نفسه كريم. والضرفة بالشام كالرقلة بالعراق. وكم رجلٍ قام وقعد، وصوب في البلاد وصعد، وحرص فلم يسعد، فأصبح اليوم الأبعد، هفا مع الطواح. غاية.

تفسير: الجون: يحتمل أن يكون الليالي، ويحتمل أن يكون القطا، وكلاهما جمع جونٍ، يقال للنهار جون ولليل جون، والكلمة من الأضداد؛ قال الراجز:

جون دجوجي وخرق معسف ... يرمى بهن الليل وهو مسدف

وقال آخر:

غير يا بنت الحليس لونى ... كر الليالي واختلاف الجون

وسفر كان قليل الأون يعني بالجون: النهار. والأون: الرفق، يقال: أن على نفسك. واللجون: البطيئة من النوق؛ قال النابغة:

فما وخدت بمثلك ذات رحلٍ ... حطوط في الزمام ولا لجون

والحطوط: السريعة من النوق التي تعتمد في زمامها، وقال قوم: اللجان مثل الحران. والبدر المسجون أي هو في هالته لا يبرح منها.

والعرجون: أصل الكباسة، ويقال له مادام رطباً الإهان، فإذا يبس فهو العرجون. وتشبه الإبل المهازيل بعراجين النخل؛ قال زهير:

إذا الشول راحت بالعشي كأنها ... عراجين نخلٍ أو رعيل نعام

والوضم: الذي يوضع عليه اللحم، وهو بلغة طيئ الوفض، ويقال لمن ليس فيه دفع فهو مطموع فيه: إنه لحم على وضمٍ؛ وفي حديث عمر " إن النساء لحم على وضمٍ إلا ماذب عنه ". وشنفت: أبغضت. واستوبلت الطعام: وجدته وبيلاً. ونئفت من الطعام والشراب إذا أصبت منه. والبر هاهنا: الفأرة الصغيرة، وقال أبو مسحلٍ: البر: الجرد بلغة أهل اليمن. واللقوة: العقاب. والحرشف: الجراد. والأربد: الظليم؛ سمي بذلك للونه. والآجن: الماء المتغير. والصراة: الماء المجتمع الذي قد طال مكثه فتغير؛ قال الراجز:

تشرب ما في جانب المقراة ... ما بقي في الحوض من الصراة

بقي: لغة ربعية، يسكنون أوسط الفعل إذا كان مكسوراً أو مضموماً، فيقولون: علم الرجل وكرم في معنى علم وكرم؛ وربما استعملهاغيرهم من العرب؛ قال امرؤ القيس:

نزلت على عمرو بن درماء شاتياً ... فيا كرم ما جاراً وياكرم ما محل

وقال القطامي:

أبونا فارس الفرسان علقت ... بكفيه الأعنة والغوار

<<  <   >  >>